عاصم الدسوقى

دستور 1954 وهل يستحق البكاء عليه؟!

الخميس، 12 أبريل 2012 04:44 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
منذ صدر الإعلان الدستورى فى 19 مارس 2011 بعد الاستفتاء على التعديلات التى جرت على بعض مواد دستور 1971، وتقرر إجراء انتخابات مجلسى الشعب والشورى، ثم تشكيل لجنة من مائة عضو لوضع دستور جديد، نشطت الأقلام فى الحديث عن أهمية وضع دستور يضع البلاد على قاعدة الديمقراطية. وفى هذا المقام طالب البعض باستعادة مشروع دستور عام 1954 الذى كان قد وضعته لجنة مختارة من خمسين عضوا من أبرز الشخصيات السياسية والقانونية، وكان دستورا «ديمقراطيا ليبراليا» على مقتضى العصر كما يراه القائلون باستعادته. لكن قيادة ثورة يوليو تجاهلته ولم تأخذ به، فاتخذه خصوم الثورة «دليلا» على «ديكتاتورية» جمال عبدالناصر الذى استكمل بهذا التجاهل ما قام به من إلغاء دستور سنة 1923 فى 10 ديسمبر 1952، ثم إلغاء الأحزاب السياسية فى 17 يناير 1953.

وتصادف هذا الموقف مع أزمة مارس 1954، والصراع بين محمد نجيب، وجمال عبدالناصر حول الحكم، والذى انتهى لصالح جمال عبدالناصر كما هو معروف، والذى فسره أولئك بانتصار الديكتاتورية وهزيمة الديمقراطية.

أما لماذا تجاهل عبدالناصر هذا الدستور بفرض أن ذلك التجاهل قد حدث؟، فأمر لا صلة له بالموقف من الديمقراطية فيما يبدو من ظاهر بعض النصوص التى تضمنها الدستور، من ذلك أن هذه اللجنة لم تضع فى بالها أن ثورة قامت وأطاحت بالنظام الملكى، وأقامت الجمهورية، وأعلنت أن من أهدافها «القضاء على الإقطاع وسيطرة رأس المال على الحكم»، وأقامت مجلسا قوميا للإنتاج، وآخر للخدمات «1953»، وذلك لتمكين قيادة الثورة من تطبيق العدالة الاجتماعية، وربط الجماهير العريضة بها وانتزاعهم من حجر الثورة المضادة. فالمادة «رقم 34» من هذا الدستور تقول: المصادرة العامة للأموال محظورة، والمادة «35» تقول:

النشاط الاقتصادى الفردى حر على ألا يضر بمنفعة اجتماعية، والمادة التالية مباشرة «رقم 36» تقول: ينظم اقتصاد الدولة وفقا لخطط مرسومة تقوم على مبادئ العدالة الاجتماعية، وتهدف إلى تنمية الإنتاج، ورفع مستوى المعيشة، وهذا معناه عدم وجود دور للدولة فى الاقتصاد، وبالتالى كيف تحقق الثورة غايتها فى تحقيق العدالة الاجتماعية؟.. والأكثر إثارة أن المادة التالية «رقم37» تقول: إن القانون يكفل التوافق بين النشاط الاقتصادى العام، والنشاط الحر، تحقيقا للأهداف الاجتماعية، ورخاء الشعب.

من ناحية أخرى، فإن الحريات المنصوص عليها فى ذلك الدستور «المواد 11، 25، 27، 29» بشأن حرية الاعتقاد، وحرية الرأى، وحرية التعليم، وحق الاجتماع، فكلها حريات مقيدة بحدود القانون، وبشرط ألا تخل بالنظام العام أو تنافى الآداب، وهى ذات الحريات المنصوص عليها فى دستور سنة 1923، وبذات القيود، أما المادة التى أدت فيما يبدو إلى تجاهل هذا الدستور، فإنها المادة «رقم 90» التى تشترط فيمن ينتخب رئيسا للجمهورية «ألا تقل سنه يوم الانتخاب عن خمس وأربعين سنة». وكانت هذه المادة تعنى إبعاد جمال عبدالناصر، وكل أعضاء مجلس قيادة الثورة عن اعتلاء كرسى الرئاسة، لأنهم كانوا جميعا أقل من خمس وأربعين سنة، ولا تتاح الفرصة إلا لمحمد نجيب الذى كانت عناصر الثورة المضادة قد تحلقت حوله منذ قيام جمال عبدالناصر بإلغاء جماعة الإخوان المسلمين فى 14 يناير 1954، وتصريحات نجيب بعودة الجيش للثكنات وعودة الأحزاب السياسية.. إلخ.

وربما أن هذه المادة وحدها كانت وراء تجاهل عبدالناصر لهذا الدستور، ولم يكن أعضاء اللجنة موفقين فى اقتراحها أو النص عليها، ولم يضعوا فى اعتبارهم مثل هذه الملاءمات.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة