وعلى رأى المثل الشعبى مع بعض التحريف «الموقع الأزرق يفضح البلاوى المعششة فى دماغ المصريين فى الأيام السودة».
أنا أتحدث عن «الفيس بوك» الذى فضح، ولن أقول كشف، عدم قدرتنا على الاختلاف بود واحترام، ادخل لدقائق بين صفحات موقع «الفيس بوك» وسوف تكتشف أن النقاشات الدائرة بين مؤيدى المرشحين للرئاسة لا تختلف كثيرا عن «ردح» المصاطب، تعلو فيها اتهامات التخوين والعمالة والتكفير، وتسود خلالها شتائم لا يمكن أن تتعامل معها الرقابة سوى بوضع صفارة «تييييييت» الشهيرة.
الأكثر حزنا هنا ليس ما كشفه الموقع الأزرق بخصوص عدم القدرة على الاختلاف باحترام، ولكن ما كشفه بخصوص التطرف الذى يتحكم فى عقول أنصار المرشحين، ويدفعهم لأن يجعلوا من كل معارض لمرشحهم كافرا أو جاهلا أو خائنا أو عميلا، أو شخصا يدعون الله أن يميته بغيظه.
صفحات تأييد الشاطر، وأبوإسماعيل، وعمر سليمان، تكشف لك أن فضيلة التعلم من أخطاء الماضى غائبة عن قطاع عريض لم يدرك بعد أن الثورة التى قامت فى مصر كانت ضد «ألوهية» الأفراد، أو تصغير مصر، وتصويرها على أنها الفتاة الضائعة التى تنتظر «سوبر مان» البطل الأوحد لإنقاذها. أنصار الشيخ حازم، والمهندس الشاطر، واللواء سليمان، يفعلون ما هو أكثر من ذلك، كأنهم لم يقرأوا أو يفهموا تاريخ تفخيم مبارك، وكيف تحول من مجرد موظف عادى إلى «إله»، جعلوا الناس فى الشوارع يظنون أن البلد لا يستقيم أمره بدونه، وأنه القادر الوحيد على توزيع هوائه ومائه وأمنه على المواطنين.
المتطرفون فى حملات الشاطر، وسليمان، وأبوإسماعيل، ومن قبلهم البرادعى، وصل بهم الهوس والتطرف إلى أن يجعلوا من مرشحيهم أنبياء، ولم يخجل طرف فيهم من الرد على كل طرف يسعى لتقريب مرشحه من صفات نبى أو رسول معين، ومن أن يرد بربط صريح وواضح بين مرشحه، ونبى من أنبياء السماء.
هل تصدق أن السادة أنصار الشيخ حازم لم يجدوا حرجا فى تشبيهه بنبى الله إبراهيم على اعتبار أنه الشيخ الثائر الذى حطم جميع الأصنام، كما أن أحد الشيوخ قال إنه رأى النبى محمد عليه الصلاة والسلام فى المنام يقول للشيخ حازم إنه راض عنه، فرد عليهم السادة فى حملة الشاطر ببوستر هو الأشهر على صفحات الفيس بوك، مكتوب عليه شعار: «الشاطر.. يوسف هذا العصر.. خرج من السجن ليحكم مصر»، وطبعا وجد أنصار عمر سليمان حلهم السحرى فى حالة الخوف التى انتابت البعض من مشاركته فى انتخابات الرئاسة، فشبهوا عمر سليمان بسيدنا سليمان مستخدمين الآية الكريم «يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ».
لماذا لا يفهم هؤلاء المتطرفون أن مصر فى حاجة إلى رئيس، وليس إلى نبى، لأن الأنبياء لا يجلسون على كرسى السلطة المعجون بالمراوغات والكذب السياسى، مصر فى حاجة إلى بشر يصيب ويخطئ، ولكنه يمتلك فضيلة العدل والاعتذار والتراجع حينما يكتشف فى نفسه عدم القدرة؟، لماذا لا يفهم هؤلاء المتطرفون أن الأنبياء أجلّ وأعظم من أن يصبحوا أدوات فى لعبة سياسية؟، لماذا لا يفهم هؤلاء أن مرشحيهم غير معصومين، وبكل تأكيد سينطقون عن هوى، وسيسقطون فى فخ الأخطاء والأكاذيب، وتلك ليست صفات الأنبياء؟، لماذا لم يتعلم أحد من درس أنور البلكيمى الذى كذب وظل يكذب ويكذب مستندا إلى أن الجميع سيصدقه لأنه داعية وشيخ مسجد بلحية؟.. فما بالكم بما سيعتقده وسيفعله بنا رجل أقنعه أنصاره أنه نبى ملهم؟!