شهدت الأيام الأخيرة من الترشح للانتخابات الرئاسية العديد من الأزمات على الصعيد السياسى، فقبيل أيام قليلة من غلق باب الترشيح خرجت علينا جماعة الإخوان لتعلن نيتها عن ترشيح خيرت الشاطر لمنصب رئيس الجمهورية، وهو ما يعد التفافًا على ما ذكرته الجماعة فى السابق من كونها لن تقوم بترشيح أحد لمنصب الرئاسة وأنها ستقوم بالاتفاق مع جميع القوى السياسية والمجتمعية على مرشح توافقى لقيادة البلاد فى المرحلة المقبلة، ولكن سرعان ما تم الالتفاف على هذا الحديث، فبعد أن استطاعت الجماعة السيطرة على الأغلبية فى مجلسى الشعب والشورى قامت بطرح نفسها لرئاسة الحكومة والتلويح بسحب الثقة من حكومة الجنزورى، وتناسوا أن مصر وفقًا للإعلان الدستورى هى دولة رئاسية وليست برلمانية، وبالتالى لا يحق لهم تشكيل الحكومة لمجرد أنهم فازوا بالأغلبية البرلمانية، ثم يأتى الدور على منصب رئيس الجمهورية، وبالتالى فالإخوان لا يريدون المشاركة فى إدارة الحياة السياسية بعد ثورة 25 يناير، ولكن يريدون المغالبة والسيطرة على جميع السلطات الثلاث فى الدولة.
وهنا وبقراءة سريعة للموقف الحالى وما وصلنا إليه من تشبث الإخوان بمنصب الرئيس ودفع رمز من رموز النظام السابق نفسه للترشح يؤكد أن المشكلة الحقيقية تكمن فى رفض الجماعة والتيار الإسلامى لفكرة الدستور أولاً والتى طالبنا بها منذ ثورة 25 يناير، حيث طالبنا بأن يتم وضع الدستور بمشاركة جميع القوى السياسية والمجتمعية فى مصر، وبأن يتم تحديد صلاحيات واختصاصات كل سلطة من السلطات الثلاث مما كان سيجعل الوضع أكثر سلاسة ويؤدى بدوره إلى الانتقال للسلطة، ولكن «الإخوان» و«التيار الإسلامى» رفضا هذا الطرح لأنهما أرادا أن يجنيا ثمار الثورة بأقصى سرعة من أجل الحصول على الأغلبية فى البرلمان.
وهنا يجب أن يدركا أنهما السبب الرئيسى فيما آلت إليه الأمور على هذا النحو، وأن قيامهما الآن بطرح قانون للعزل يجعله قانونًا معيبًا وغير دستورى على الإطلاق، وأنه لا يمكن أن نمنع شخصًا من الترشح مادام غير ممنوع وفقًا للمادة الثانية من قانون مباشرة الحقوق السياسية، ولا يمكن أن يستخدم البرلمان فى أيدى الأكثرية من أجل إبعاد مرشح عن الترشح للانتخابات الرئاسية، لأن هذا عيب وإساءة استخدام للسلطة.
كما أنهما تناسيا مبدأ فى غاية الأهمية ألا وهو عدم رجعية تطبيق القوانين وعدم تطبيقها بأثر رجعى، فإذا كانت اللجنة العليا للانتخابات قد فتحت باب الترشح للمواطنين لمنصب الرئيس وفتحت الباب لجمع التوكيلات، وأغلقت باب الترشح 8 أبريل لعام 2012، فبالتالى لا يجوز بأى حال من الأحوال الاعتداء على حقوق المتقدمين المدنية والسياسية، وأن أى اعتداء هو جريمة يجب ألاّ يقع فيها البرلمان ويجب ألا يصدق عليها المجلس العسكرى.
أما من يقولون إذا أقره البرلمان ورفضه المجلس العسكرى فهو سارٍ، فإنهم بذلك يدخلون البلاد إلى الفوضى وتحدى سيادة القانون، وهنا يثار التساؤل: كيف الآن يتذرعون بهذا الأمر ويطالبون بتنفيذ القانون حتى لو رفض المجلس العسكرى، وكانوا فى الماضى يتشدقون بالالتزام بدولة القانون؟ فهذا يعد تراجعًا فى الأسس والثوابت المنهجية والفكرية داخل الحياة السياسية، مما يجعل تطبيق المبادئ رهنًا بمصالحهم السياسية.
وهنا يجب ألاّ نقف فى صف هذا القانون ونقضى على حق أحد المواطنين فى الترشح لمنصب سياسى، هذا الحق المكفول بموجب الإعلان الدستورى وجميع المواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان، والتى صادقت عليها الحكومة المصرية، وبالتالى أصبحت جزءًا لا يتجزأ من التشريع الداخلى، وإذا أردنا الخروج من هذا النفق المظلم يجب العودة من جديد للمربع صفر من خلال العودة إلى الدستور أولاً باعتباره المنقذ لما وصلنا إليه، والملاذ الآمن للوضع الحالى.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
abdulhameed abuzeid
العناد
عدد الردود 0
بواسطة:
عبده
معاك طريقة تانى لمنع نظام المخلوع من الانتقام من مصر؟
عدد الردود 0
بواسطة:
عادل قطب
كان من الاول
كان من الاول نعمل دستور بس نقول اية