الآن مصر.. مصير مصر بالكامل معلق فى رقبة المحكمة الدستورية، عمر سليمان ينتظر ما الذى سيقرره المجلس العسكرى فى التعديلات التشريعية الصادرة عن مجلس الشعب والتى تمنعه من خوض انتخابات الرئاسة، هل سيحيل المشير هذا القانون إلى المحكمة الدستورية قبل التصديق عليه أم أن القوات المسلحة ستتفادى خوض صراع مباشر مع البرلمان؟
أما البرلمان نفسه فهو يترقب بحذر ما الذى يمكن أن تقدم عليه المحكمة الدستورية فى الطعن المقدم ضد قانون الانتخابات البرلمانية الذى قد ينتهى إلى الحكم بعدم دستوريته، ومن ثم قد تبطل بالكامل انتخابات مجلس الشعب فنضطر إلى العودة للمربع رقم صفر من جديد؟
الصراع تحول من الميدان إلى البرلمان، ثم من البرلمان لمحاكم مجلس الدولة، ثم من مجلس الدولة إلى المحكمة الدستورية، وفى الطريق تسعى كل القوى لجمع القدر الأكبر من الأوراق القانونية والأحكام القضائية التى تعزز موقفها السياسى والشعبى، فدخلنا إلى صراع عض الأصابع ودخل معنا القضاء بجميع درجاته طرفا أساسيا فى المعادلة، ثم ها هو المصير بالكامل بين يدى الدستورية التى يتصادف أن يكون رئيسها هو نفسه رئيس اللجنة العليا للانتخابات المشرفة على السباق الرئاسى فى مصر.
أعرف أن السخرية غير جائزة فى هذا المشهد المعقد، لكننا نبدو بالضبط فى حالة تيه شامل لتنطبق علينا سخرية عادل إمام الشهيرة (هو منين يودى على فين؟!)، وكأنه لا أول لنا أو آخر، والمأساة هنا أن دخول المؤسسات القضائية طرفا فى اللعبة السياسية يؤدى حتما إلى الانقسام حول صورتها، وتجربة المستشار عبدالمعز فى اللجنة العليا للانتخابات البرلمانية، ثم فى واقعة قضية التمويل الأجنبى تنذر دوما بأن دخول القضاء فى المعادلة يؤدى إلى توريط هذه المؤسسة فيما لا تشتهيه الأنفس أو تقر به الأعين من استقرار قانونى.
من فعل بنا ذلك؟
من الذى قاد البلاد من طاولة التفاوض والحوار السياسى إلى حالة التقاضى والدعاوى والمحاكم وتوريط المؤسسات جميعها فى هذا الفخ السياسى؟
أخشى من المحكمة الدستورية.
وأخشى أيضا على المحكمة الدستورية.
وأخشى من مشهد لم نعد فيه نميز بين الخبيث والطيب، وبين ما هو قانونى بالفعل لله وللوطن، وبين ما هو باطل يحاول أن يتحصن بسيف القانون.
والله غالب على أمره.
