للمرة الثانية أجد نفسى مضطرا للتنبيه إلى خطر الميليشيات الغوغائية على مشروع الدولة المصرية بعد ثورة 25 يناير، هناك من أصحاب المصالح والمشاهير من يعى جيدا أن روح المقاومة الشعبية التى تجلت بوضوح خلال الثورة لم تجد المسار الملائم حتى الآن لتتحول إلى قوة دفع شرعية لهذا البلد، وبدلا من ذلك توزعت بغضبها المكتوم فى مسارات الألتراس أو تأييد حازم أبوإسماعيل ظالما كان أم مزايدا، أو مناصرة مرتضى منصور لإرهاب القضاة أو تعطيل سير العدالة أو منع الأمر الصادر بضبطه وإحضاره.
مؤيدو الشيخ حازم أبوإسماعيل من حقهم أن يعلنوا موقفهم من شيخهم وأن يفرحوا لأى نقطة يحصل عليها فى مباراته ضد الحقيقة، لكن ليس من حقهم أبدا أن يحاصروا مجلس الدولة وأن يقدموا رسالة إرهاب للسلطة القضائية بتحريض من شيخهم الذى يستميت فى تسجيل موقف إعلامى حول جنسية والدته يزيد من التشويش العام حول الموضوع ويدفع البسطاء غير الفاهمين لطبيعة الدعوى التى رفعها أمام القضاء الإدارى لتصديق أن السيدة والدته لم تحصل على الجنسية الأمريكية تمهيدا لافتعال الثورة فى الشوارع والميادين عندما تعلن اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية استبعاد الشيخ من السباق الرئاسى لثبوت عكس ما قدمه فى الأوراق الرسمية والإقرارات الخطية.. أن والدته حصلت على الجنسية الأمريكية فى 25 أكتوبر 2006.
أما أنصار مرتضى منصور فقد تصوروا أنهم قادرون على لى ذراع المحكمة بالهتافات داخل القاعة ومنع المستشار مصطفى حسن عبدالله من الخروج من غرفة المداولة أثناء نظر قضية موقعة الجمل، وعندما صدر أمر ضبط وإحضار منصور وابنه وابن شقيقته المتهمين على ذمة القضية، تجمع هؤلاء الأنصار حول منزله وتصدوا للقوة التى جاءت لتنفيذ الحكم، وكأن مرتضى منصور وهو رجل القانون المخضرم لا يعرف ماذا يعنيه إرهاب السلطة القضائية أو منع تنفيذ أمر الضبط والإحضار!
القاسم المشترك بين الواقعتين أن كلا من أبوإسماعيل ومنصور يشعران أن الدولة ضعيفة وأن السلطة الحاكمة لا تريد صداما مع تجمعات الجماهير حتى لا يسقط ضحايا يتحولون إلى شهداء ومصابين وأيام دامية جديدة وفضائيات تشتعل على الحادث ووحشية العسكر، ومحللون لا يظهرون إلا فى مثل هذه الأزمات لندخل فى دوامة جديدة من العنف فى الشارع وفى وسائل الإعلام، الأمر الذى يوفر ستارة دخان كثيف لمن يريد الهرب من المحاسبة أو بناء صورة جديدة لنفسه باعتباره بطلا شعبيا أو مرشحا رئاسيا أو إماما كاذبا للمساكين الذى يرون العدل متجسدا فى الأشخاص وليس فى المؤسسات المنضبطة.. طيب ما الحل؟ الحل فى تطبيق القانون بحسم، حتى لو خرجت لتعيطله مليونيات انتهازية موجهة.