أنا فى حاجة إلى ذاكرتك، أو إلى ما نجا منها من عوامل التعرية وضغوط الزمن.. ركز قليلا ثم فتش بداخلها عن اسم المحامى ممدوح إسماعيل.. اجتهد فى البحث عن أى مواقف تذكرك بهذا الرجل، وإن وجدت شيئا بخلاف أنه يذكرك بصاحب عبارة الموت، أو بمواقف كوميدية ساخرة وساذجة كان هو بطلها، أو بحوارات جادة حولها، هذا المحامى الباحث عن الشهرة إلى وصلات ردح.. إن وجدت شيئا بخلاف كل ما هو غير مفيد لهذا الوطن أو للإسلام أو لمهنة المحاماة فاعلم أن بذاكرتك خلل ما، لأن السيد ممدوح إسماعيل هو واحد من هؤلاء الذين لا يحترمون الحوار وقواعده، وواحد من هؤلاء الذين يعيشون ويقتاتون بمبدأ المثل الشعبى الشهير «خدوهم بالصوت العالى حتى لا يغلبوكم»..
أنا لا أخرج بهذا الكلام من جعبة ساحر أو حاو، هذا الكلام هو رد فعل طبيعى لتصرفات محام ونائب برلمانى لا يتذكر له الناس سوى أنه صاحب معركة القسم الشهيرة فى البرلمان، والشخص الذى قام فى حركة استعراضية إعلامية برفع الأذان تحت القبة، أما بخصوص ما قدمه للمحاماة، أو للإسلام أو لمصر أو لأبناء دائرته أو القضايا التى فجرها تحت القبة فلا تسأل، لأنها تندرج تحت بند الأشياء التى لن تبدو لك إلا عبر ميكروسكوب!
السيد المحامى ترك كل سيئ وقبيح فى مصر، ووضع أداء برلمانه الهزيل على الرف، ولم يتطرق إلى فشله هو وأصدقائه النواب فى إصدار قوانين تحمى الثورة أو سحب الثقة من الجنزورى، وتحول فجأة إلى أسد من هذه الفئة التى نشاهدها فى أفلام الكارتون، وترك كل ماجاء فى اجتماع لجنة التعليم والبحث العلمى مع العالم المصرى صاحب نوبل أحمد زويل، وبدلا من أن يمارس دوره كنائب ويدخل فى نقاش حول حجم الاستفادة التى يمكن الحصول عليها من عالم بهذا الحجم لإصلاح أحوال البحث العلمى والتعليم فى مصر تفرغ للهجوم على الدكتور زويل، رافضا زيارته لمجلس الشعب، بحجة أن الدكتور زويل من المطبعين مع إسرائيل.
الغريب أن السيد المحامى الذى يرى أن قانون العزل السياسى لا ينطبق على المشير طنطاوى، لم يكتف برفض زيارة زويل للبرلمان بسبب كونه من المطبعين مع إسرائيل، وهو سبب كان يمكن تفهمه والنقاش حوله لو كان صاحبه جادا فى طرحه، ولكنه وكعادته سرعان ما حوّل المعركة إلى فقرة كوميدية سيئة السمعة، حينما قال: «علمت أن عبد الله بن سلول زعيم المنافقين موجود بمجلس الشعب وعيب علينا ذلك».
أى برلمان محترم يوافق على أن يتعرض أحد ضيوفه إلى كل هذه الاتهامات التى لا يغلفها الأدب؟، وأى نواب هؤلاء الذين لا يستغلون وجود رجل بهذه القامة وهذا العلم داخل مجلسهم ويحصلون منه على مايفيد الوطن بدلا من أن يتهمه أحدهم بأنه منافق، ويسأله الآخر حول ما إذا كان قد أهدى إسرائيل نصف أموال جائزة نوبل؟، هل هذا مايفعله النواب تحت القبة؟، هل يضيع وقت الوطن فى نقاشات من هذا النوع.. عبارة عن دردشة قهاوى ونميمة صحف ومنتديات صفراء؟ هل هذا هو منتهى علم ومعرفة السادة النواب الذين يشرعون لنا القوانين؟
حاول أن تجد معى إجابة عن هذه الأسئلة، وحاول أن تسأل معى النائب ممدوح إسماعيل هل كان وطنيا ومعارضا خطيرا بهذا الشكل لنظام مبارك.. لماذا لم نجده داخل سجون مبارك لأعوام كما حدث مع العديد من مشايخ ورجال التيار السلفى وجماعة الإخوان الذين دفعوا أثمانا باهظة فى نفس الوقت الذى كان فيه سيادة المحامى يحصد مكاسب نضالهم ومقابل سنوات عمرهم؟!