كل شم نسيم وأنتم طيبون.. هذا العام لن نحتاج «بيض» أو «فسيخ» كفاية علينا المرشحون المحتملون، ولا تنتظر هنا ألوان الربيع العربى، فلون المحتملين يتدرج بين الأسود والكحلى والكاكى والبنى فأنت بين خيارات أفتحها غامق لذلك لا تسحب الكثير من شم النسيم هذا العام وحافظ على عقلك من الرياح الخماسينية.. فالأتربة كثيفة والفضائيات كثيرة والرؤية مشوشة والمعلومات مشوهة.. فلا تصدق كل من يفتيك باسم الثورة ويقسم أنه حاميها.. فحاميها حراميها.. فإذا قال لك الإخوان أو السلفيون أو العسكريون إنهم يحمون الثورة فذكرهم بأغنية الست «عاوزنا نرجع زى زمان قول للزمان ارجع يا زمان»، وهم بالفعل حاولوا الرجوع للميدان، ولكن بعد أن مسحوا قوميته وسخطوا هويته، فالميدان ليس للجميع فهو محجوز كل جمعة لقبيلة «الإخوان جمعة والسلفيين جمعة، والائتلافات جمعة، والفلول جمعة»، أما نحن فلنا الخميس الكبير وسرادق أخذ عزاء الثورة.. فإذا كلموك عن الثورة قل لهم «هى فين» واسأل أحزاب الأغلبية كانوا فين، حينما تركونا لمشاكل الجوع والمرض والبطالة وتفرغوا لقفل المواقع الإباحية وتقليل سن زواج البنات وإلغاء قانون تحرش الشباب.. اسألهم عن العشرات الذين ماتوا بحثا عن أنبوبة بوتاجاز أو لتر سولار أو رغيف عيش حاف، وهم يدبرون لنا المجالس الدستورية ومن بعدها خطة الهيمنة الرئاسية.. اسألهم لماذا تركوا علينا الفلول والذيول الذين خططوا لمئات المؤامرات والكوارث حتى حولوا الثورة إلى «بلوة» فى أقل من عام. فلماذا تذكروا الفلول فجأة وتذكروا الشرعية الثورية صدفة.. للتاريخ حدث هذا فقط حينما رشح لنا مبارك عمر سليمان.. فعادت الثورة المفقودة إلى الميدان بأمر الإخوان ولكنها عادت لهم وليس لنا ولمصالحهم السياسية وليس للحرية.. والعجيب أن نائب الرئيس المخلوع يتكلم هو الآخر عن حماية الثورة، وكأنه كان يعمل فى كمبوديا أثناء حكم مبارك، وإن كان صدق حينما قال إن التيارات الإسلامية خطفت الثورة، وإن نسى ذكر المساعدات العسكرية فى عملية الاختطاف ودوره الفاسد فى اختطاف دولة لثلاثين عاما. الواضح أن لكل تيار الآن ثورة مستقلة وليس تلك الثورة القومية التى جمعتنا فى 25 يناير.. عليك الآن أن تفكر فى حل هذا اللغز «بألف وش ومحدش شافلها وش». كنا قديما نقول السحاب والآن نقول الثورة وكلاهما بعيد نراه، ولا نراه فابحث فى هدوء عن وش ثورتك وأحلامك فيها، واختر مرشحك بضميرك وهذا أضعف الإيمان. غدا يأتى شم النسيم بعواصفه الخماسينية، ولكنه لن يخلو من بهجة تفتح الزهور بألوانها الزاهية حتى لو كره المرشحون.. كل سنة وأنتم طيبون.