أثق كما سيثق الكثيرون منا أن أكثر الناس أمانا فى وضع الدستور هم البعيدون عن المناصب وأصحاب المصالح، وهم كثر لأن دستور البلاد الذى سنسير عليه فى مستقبلنا، بعد ثورة راح فيها خيرة شبابنا، يجب أن يضعه فى البداية والنهاية أناس ليسوا ذوى مصلحة أو مطلب ليضعوه من أجل الأجيال القادمة، ومصرنا تنعم بالكثيرين من المخلصين لها، من أساتذة القانون الدستورى والخبراء والقانونيين والقضاة العالميين ببواطن الدساتير فى العالم من حولنا، وهو الأجدر بوضعه دون تدخل لأحد من أصحاب المصالح وأقصد فعلا أصحاب المصالح، وليشاركهم فيه أعضاء من الأحزاب، ولكن مما ليس لهم أعضاء بمجلسى الشعب والشورى.
أما أن يهيمن حزب أوحزبان على مستقبل البلد ويضعا هما منفردين دستورا على مزاجهم فهو سيؤدى إلى عواقب وخيمة.
ولن يقبل أحد.. أن يولد من رحم ثورة يناير حزب آخر يحتكر السلطة التى عانينا مرارا وتكرارا من احتكارها، من قبل النظام السابق بحزبه وهيمنته على كافة مقاليد الأمور وبسطه فى ربوع البلاد الفساد.
لقد رحمنا القضاء من كل ذلك بالحكم الصادر عن القضاء الإدارى ببطلان تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور الذى استحوذ حزبا الحرية والعدالة والنور السلفى على أكثر من 75 % من أعضائها ليضعا دستورا يخدم أهدافهما وطموحاتهما فى السلطة ليعود الجميع إلى صوابهم.. فلقد بدأوا "الحزبان" بتصريحاتهما أن يحصلا على نسبة 25 % من مقاعد مجلس الشعب فإذا بها تصل إلى حوالى 70 % ولم يقتصر الأمر على ذلك بل وصل إلى مجلس الشورى الذى استحوذا على ثلثيه "أقصد حزبى الحرية والعدالة والنور السلفى" وكنا ننتظر منهما أن يضربا المثل والقدوة فى الزهد عن المناصب والسلطة لأن السلطة مسئولية وفتنة واعتقدنا أنهما سيكتفيان بما حصلا عليه من مقاعد بالمجلسين ليمارسا من خلاله دورهما الرقابى لخدمة المواطنين، فإذا بسقف المطالب يرتفع بالمطالبة بإسقاط الحكومة من قبل حزب الحرية والعدالة، وتشكيله لها بحكم أغلبيته فى المجلسين "الشعب والشورى" بل ارتفعت المطالب أكثر لتصل إلى كرسى الرئاسة ليترشح أكثر من مرشح من الحزبين "الحرية والنور" ممن ينتمون بالولاء للحزبين حتى لو استقالوا.
وتتضح الصورة يوما بعد يوم أننا نكرر ما حدث من قبل على يد الحزب الوطنى المنحل الذى وصفناه جميعا بالفساد.. وفساده أتى من الهيمنة على الحكم وأنتج ما يسمى بالسلطة المطلقة التى لا تجد من يحاسبها، وهى كما نعلم جميعا "السلطة المطلقة" مفسدة للعباد والبلاد لأنها لا تجد من يحاسبها عما تفعله.
فاذا كنا أسقطنا الفاسد "أقصد الحزب الوطنى وحاكمه المخلوع" بثورة بيضاء شهد عليها الجميع .. القاصى والدانى.. فما هو الداعى لننتج نفس الحزب بنفس المنهج بنفس السلطات والهيمنة على مقاليد الحكم مرة أخرى الذى أسقطناه من قبل ولكن هذه المرة بصورة حزبين "أقصد حزبى الحرية والعدالة والنور".. أليس بينكم رجل حكيم..ألم يتعلم أحد الدرس أم مازلنا غير قادرين على استيعاب الديمقراطية فعلا.
الجميع ينادى بتقسيم السلطات حتى لا يستحوذ فصيل على كل شى أو حتى على معظمها نريد توزيعا للسلطات حتى نتقدم بفكر مجتمعى وليس حزبيا لمن سيطر على الحكم ليقر فيه ما يريد دون النظر إلى باقى فئات المجتمع.. نريد سلطات مركبة فوق بعضها لنحاسب بعضا ولنصوب لبعضنا البعض.
اتقوا الله فى هذا الوطن ولتعلموا أنكم ستحاسبون عما تفعلون وأنتم الأدرى بذلك.. والبلاد لم تعد تتحمل ولتغلبوا مصلحة البلاد والعباد على المصالح الدنيوية.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة