وسط الحمى السياسية تغيب القضايا الرئيسية، التى تتعلق بحياة الناس، قلنا إن حكومة الدكتور كمال الجنزورى تتحدث عن مشروعات ضخمة يصعب تمويلها، وتتجاهل قضايا عاجلة يجب حلها، مثل الأمن والنظافة والمرور والوقود والدعم والأسعار، ولايمكن الحديث عن تنمية من دون حل أزمة المرور، ولا الحديث عن بيان للحكومة، يخلو من آلية لرفع جبال القمامة ومواجهة الاعتداءات على أراضى الدولة، وتبوير الأراضى الزراعية، ناهيك عن البلطجة وقطع الطرقات، وهى قضية ذات وجهين أحدهما احتقار القانون، والثانى الفقر والبطالة وتردى الأحوال المعيشية، وهى قضايا تبدو مؤجلة.. وهناك مايشبه حالة تواطؤ عام بالصمت تجاهها. كأنها قضايا لاتخص نجوم السياسة والتوك شو.
ومن بين أخطر القضايا فى مصر الآن، مشكلة العلاج والتأمين الصحى الذى واجه خلال حكم مبارك عملية خداع وإهمال، وتم تعطيل قانون التأمين الصحى الشامل، من أربعة برلمانات، بعد الثورة، فقد تجاهل مجلس الشعب قضايا الصحة والعلاج، وتم ترحيل قانون التأمين الصحى، بالرغم من أنه الأولى بالرعاية من أى قضية أخرى، لأنه يتعلق بصحة 80 مليون مواطن ،لايجد أغلبيتهم علاجا، ويحتارون بين مستشفيات عامة متردية، وخاصة جشعة، ولا يبقى للمواطن سوى أن يتسول حقه فى العلاج، أو يموت قبل أن يحصل على هذا الحق.
والآن عاد الحديث عن رفض المستشفيات تقديم الخدمة العرجاء لمرضى التأمين، بسبب مديونيات التأمين، بما يعنى القتل العمد للمرضى المسجلين فى التأمين، فما بالنا بمن هم غير مسجلين أصلا؟.
التأمين الصحى قضية خطيرة، والعلاج هو أحد أهم حقوق المواطنين، بل إنه أهم، لأن المواطن يمكن أن يختار بين الطعام أو الملبس، لكنه لايستطيع استبدال العلاج، أو تأجيل الجراحة، ونظن أن قضية العلاج من القضايا التى لايوجد عليها خلاف سياسى، ولا يمكن أن تكون مجالا للصراع على السلطة، بل هى من لزوميات مايلزم للمواطن، ومع هذا فإنها قضية تتجاهلها الأغلبية والأقلية، بالرغم من أنه لاتوجد قضية أهم منها، يجب الاهتمام بها، وتتحدد على أساسها قوة الدولة، ومستوى تحضرها وتقدمها.
وإذا كانت الديمقراطية هى وسيلة لتحقيق الأمن والرفاهية والسعادة للمواطنين، فإنه لايمكن الحديث عن الحرية من دون ضمان حق المواطن فى الحصول على العلاج بكرامة، وحتى الحديث عن أمن الدولة، لايمكن أن يكون صحيحا من دون تأمين حق المواطن فى صحته، ومع أهمية الدستور والرئاسة، يفترض أن يكون العلاج حقا منصوصا عليه فى الدستور، مع تحديد كيفية تمويله، وهى قضية تستحق أن يهتم بها النواب، كما يهتمون بوجودهم فى اللجنة، وأن يقدم مرشحو الرئاسة ضمن برامجهم حلولا واضحة لها، ويحتاج إلى أن تذكره المليونيات والأحزاب والبرلمانات ويتضمنه الدستور.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
نادر محمد
سدد الله قلمك