كانت القوى السياسية فى مصر قبل 25 يناير 2011 تعيب على مجلس الشعب برئاسة فتحى سرور تفصيل القوانين بسرعة فائقة على مقاس سلطة الحكم دون اعتبار للصالح العام، وكنا نعتقد أن ثورة 25 يناير أنهت مثل تلك التصرفات المفضوحة، ولكن ما أن بدأ مجلس الشعب الجديد نشاطه حتى أطلت علينا من جديد العيوب التى كنا نشكو منها، حين وجدنا أن «الأغلبية» تميل إلى احتكار الأمور والانفراد بها وتعمل على نفى الآخرين من المشهد السياسى، فتكررت بذلك صورة احتكار الحزب الوطنى للعمل السياسى.
والمظهر الجديد للاحتكار الجديد يتضح من القانون الخاص الذى أصدره المجلس بحرمان كل من عمل مع نظام مبارك خلال السنوات العشر السابقة على 11 فبراير 2011، وتحديد السنوات عشر سابقة على 11 فبراير 2011 ليس له مغزى إذا كان القصد المحاسبة على إفساد الحياة السياسية، لأن هذا التاريخ يعنى أن إفساد الحياة السياسية لم يبدأ إلا من 11 فبراير 2001 ، بينما الخطاب السياسى لفقهاء ثورة 25 يناير يتكلم عن إفساد الحياة السياسية على مدى ثلاثين عاما.
أما وجه العجلة لتفصيل هذا القانون فإن الغرض منه إبعاد عمر سليمان بأى وسيلة عن سباق الرئاسة، مما يؤكد شخصنة القوانين وإشهارها فى الوقت المناسب فى شكل قانونى وصيغة ديمقراطية، ويبدو واضحا أن هذا القانون لا يستهدف نقاء الحكم وطهارته بقدر ما يستهدف حجز منصب الرئاسة للتيار الإسلامى، ولو كان مجلس الشعب يستهدف المصلحة العامة لكان قد أصدر هذا القانون قبل الإعلان عن فتح باب الترشح للرئاسة، أو استجاب لمطلب استعادة قانون الغدر الذى أصدرته ثورة يوليو 1952 لضمان إبعاد «الفلول» عن الحكم. لكن شيئا من هذا لم يحدث، فلما رشح عمر سليمان نفسه للرئاسة شعر الإخوان بالخطر من أن يفوز الرجل بالمنصب بنفس الأسلوب الذى حصلوا هم بمقتضاه على الأغلبية والمعروف بتزييف الإرادة عن طريق «الورقة الدوارة»، ولو كانوا على ثقة بأنفسهم لتركوا الأمر للناخبين يسقطونه بإرادتهم الحرة دون تمييع لهذه الإرادة بمختلف الوسائل.
أما القول بأن حزب الوسط هو صاحب مشروع القانون وليس جماعة الإخوان المسلمين فأمر غير ذى بال، ذلك أن حزب الوسط خارج أصلا من ثوب الجماعة، وليس هناك فرق كبير بين أحمد والحاج أحمد.
الشخصنة واضحة إذن فى هذا القانون ولو كان الهدف صيانة الحكم لكان هذا القانون أول تشريع يصدره المجلس فى أول أعماله لا أن يتأخر إصداره بعد أن خشى الإسلاميون من فوز خصمهم، ولم يكن هناك ما يعيبهم لو أنهم اهتدوا فى هذا السبيل بما فعله الضباط الأحرار بعد استيلائهم على الحكم ليلة 23 يوليو 1952، حيث حرصوا من البداية على إبعاد عناصر النظام الملكى عن مؤسسات الحكم، ففى 22 ديسمبر «1952» صدر قانون بشأن محاكمة المسؤولين عن جرائم الغدر واستغلال النفوذ من الموظفين العموميين، أو أعضاء البرلمان، أو كل شخص كان مكلفا بخدمة عامة، أو كانت له صفة نيابية وارتكب بعد أول سبتمبر 1939 جريمة من جرائم الغدر، وفى 15 إبريل «1954» تقرر حرمان كل من سبق أن تولى الوزارة فى الفترة من 6 فبراير 1942 إلى 23 يوليو 1952 من حق تولى الوظائف العامة ومن جميع الحقوق السياسية لمدة عشر سنوات، وكان هذا قبل إصدار الدستور والاستفتاء على انتخاب الرئيس «1956» وقبل انتخابات مجلس الأمة «1957»، يقول الشاعر: لا تنهى عن خلق وتأتى مثله.. عار عليك إذا فعلت عظيم.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
fafy
لو سكتنا حنسكت للأبد
عدد الردود 0
بواسطة:
نبيل
قرفت
عدد الردود 0
بواسطة:
ارت
امسك فلول
عدد الردود 0
بواسطة:
zeinab shafee
شق الصف
عدد الردود 0
بواسطة:
ابن النيل
الفلول