الوضع الذى وصلت إليه اللجنة التأسيسية لصياغة الدستور محرج ويدل على الكثير من الفرقة بين أبناء الوطن الواحد.. وهو ما يتنافى أساسًا مع ثورة 25 يناير التى كانت تهدف إلى تجميع الوطن على كلمة سواء فإذا بنا نتشرذم ونرمى الاتهامات لبعضنا البعض.. كانت لجنة صياغة الدستور فرصة كبيرة للالتفاف حولها بجميع أطياف الشعب ورموزه مسلمين ومسيحيين وأحزابا بمختلف أشكالها وتاريخها القديم والحديث - إلا أن البعض جنح إلى تفسير خاطئ حيث اعتبر أن الأكثرية عددًا فى حزب ما هى التى تستحق أن تشكل كل شىء وتفرض كل المفاهيم دون الأخرى وهو ما دعا كثيرين إلى إعادة تقييم التجربة والوصول بها إلى بر الأمان، اليوم نحن نحتاج إلى كثير من الحكمة لمعالجة ما وصلنا إليه، حكمة بعيدًا عن فرض الآراء أو الجدل السقيم أو أن نعيد ترتيب الأوراق.. بدءًا باختيار الدكتور محمد سعد الكتاتنى رئيس مجلس الشعب - رئيسًا للجنة صياغة الدستور.. وإن كنت أنا شخصيًا أرحب بهذا الاختيار لأن الدكتور الكتاتنى يمتلك خبرة ووعيا موسوعيا يمكنه أن يسد هذا الفراغ ونعرف من شخصيته الهادئة التى تحترم الجميع من خلال خبرتنا معه خاصة بعد رئاسته لمجلس الشعب أنه يقدر الرأى الآخر ولا يجد غضاضة فى أن يكسر رأيه أمام الجميع احترامًا لرأى آخر أو على الأقل رأى الأكثرية.. وكلنا شاهدنا هذا فى أكثر فى موقف.. والكتاتنى فاز برئاسة اللجنة التأسيسية لوضع الدستور بالتزكية وهى واقعة لم تحدث من قبل.. لكن الذين ينتقدون الكتاتنى يروجون لمعلومة غريبة جدًا هى أن الكتاتنى خريج كلية العلوم.. وهو بهذا رجل علم وبحث وتحليل معملى.. ولا علاقة له بالقانون ولا يعرف هؤلاء أن موقع الرجل فى المسؤولية الجديدة يحتاج فى الأساس إلى حكمة الإدارة.. ولكن لابد أن نعترف أن المشير حسين طنطاوى يحاول العبور بالأزمة وقد بادر بسرعة عقد اجتماع مع قادة الأحزاب والقوى السياسية فى حضور الفريق سامى عنان رئيس أركان حرب القوات المسلحة نائب رئيس المجلس الأعلى وقد يكون هذا بداية انفراج الأزمة، حيث أكد رؤساء 13 حزبًا بينها الحرية والعدالة والنور والوفد - موافقتهم على بيان تم إصداره يتضمن بحث السبل الكفيلة بإيجاد تمثيل فاعل لجميع الأحزاب والقوى السياسية والمجتمع المدنى والشخصيات العامة بما يضمن مشاركة عدد مناسب منهم ممن تم انتخابهم من قوائم الاحتياطى بما يحقق التوازن المأمول فى عضوية الجمعية، وأكد البيان على أن الأحزاب اتفقت على أن تكون وثيقتا الأزهر والتحالف الديمقراطى للأحزاب والقوى السياسية مرجعية أساسية لمواد الدستور.. ما حدث وأد الفتنة فى مهدها.. لأن القضية تحولت إلى سخف فقد هُيئ للبعض أنهم مركز قوة وعليهم السيطرة على الجميع وهذا وضع.. ودرس الدستور هذا يجب ألا يمر مرور الكرام بل علينا أن نتعلم منه كيف نفكر وكيف نقرأ الأحداث وكيف نحترم الجميع وكيف نتعامل مع الآخر.. لأن التحديات ضدنا كثيرة من جميع الجهات وعلينا أن نعبر هذه الأزمات بحكمة وتؤده بعيدًا عن الانفعال أو الانحياز أو التحالفات غير المجدية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة