> يبدو أن فضيلة المفتى على جمعة كان ينتظر رحيل البابا شنودة ليذهب إلى القدس الشريف، فالراحل الكبير كان يعرف أن الذهاب إليه وهو تحت الاحتلال خطيئة، وكان الدافع وطنيّا وأخلاقيّا أكثر منه دينيّا، المفتى الذى يسأله سنة العالم ويجيب عليهم، أعطى بزيارته المريبة هذه أرضًا جديدة للمحتل، وكسر الباب الذى شيدته الجماعة الوطنية فى مواجهة التطبيع، الجماعة التى تغاضت عن أخطائه الكثيرة احترامًا لجلال المنصب الرفيع، المفتى قال لمستشاره إبراهيم نجم «الذى عرف بالزيارة من الصحف» أن زيارته ليست تطبيعًا، لأنه لم يحصل على موافقة إسرائيلية، وإنما تحت إشراف أردنى، وكأن الأردنيين قد حرروا القدس ومنعوا الاحتلال من تهويده، ويتحركون على راحتهم فى المدينة، وأن الرجل لم يستأذن من قوات الاحتلال، والغريب أنه قال إنه ذهب بعد أن زالت الأنظمة المستبدة التى كانت تدعم الإسرائيليين وتساند وجودهم، وكأن الملك عبدالله أصبح ثائرًا، وأن النظام المصرى بعد مبارك غير عقيدته، ومن الصعب على المفتى السفر بدون تصريح من القائمين على حكم البلاد، وزير أوقاف أبومازن محمود الهباش سعيد بالزيارة نكاية فى القرضاوى، وأيضًا رجال دين المفتى الذين صرحوا بأنه لا يوجد حظر دينى ولكنه حظر سياسى، ولا تعرف لماذا يفصلون فى جرائم كهذه بين الدين والسياسة؟ ويتركون الميليشيات الرئاسية تبتز الدولة باسم الدين والسياسة معًا، المفتى بزيارته هذه أهان الجماعة الوطنية ولم يحترم الفلسطينيين المقاومين الذين لم يدعمهم النظام الأردنى الذى يلعب على طريقته لسحب البساط من مصر لكى يستفرد الإسرائيليون أكثر بأهلنا فى فلسطين، ومحاولات ضرب الأزهر الشريف وتفريغه من معناه قديمة، ولكن الذروة كانت مع تشكيل مجلس علماء المسلمين فى قطر، بحثًا عن مرجعية جديدة وسخية للسنة فى المنطقة، وجاءت الثورة وأفسدت المخطط، وهاهو النظام الأردنى يكمل المشوار باستدراجه رجلاً يحمل اسم «مفتى الديار المصرية»، تم تصعيده واختياره فى مناخ غير صحى فى عهد مبارك، وتم تركه هكذا، يدعى أنه مع الثورة وأنه ضد التطبيع، وأنه سعيد بزوال الأنظمة المستبدة! المفتى ذهب بصفته أحد أمناء مؤسسة آل البيت للفكر الإسلامى فى الأردن، وبهدف افتتاح كرسى الإمام الغزالى للدراسات الإسلامية فى المسجد الأقصى، ولم يسأل أحد: ماذا يعنى أن يكون أحد الأمناء؟ وهل يتقاضى أجرًا على هذا؟ وهل يسمح القانون بذلك؟ ولماذا هذا التوقيت بالذات؟ ولماذا لم يعلن وفاجأ الجميع وفيهم مستشاروه بالزيارة؟ فضيلة المفتى أخطأ مع سبق الإصرار والترصد، والاعتذار فى مثل هذه المواقف... ليس كافيًا!
> «الجمعية المصرية لتنمية الأعمال» هى كيان يرأسه حسن مالك، اقتصادى الإخوان «القوى» «كما سمَّته الشروق، وفتحت له صفحتها الثالثة أمس الأول» لكى يقول كلامًا يتسق مع اسم الجمعية المضحك، هو يقول: «نحن نستهدف مختلف أطياف رجال الأعمال والخروج من دائرة الخلاف المطلقة إلى دائرة العمل والإنجاز الحقيقى». وهذا كلام بلاغى ركيك لا علاقة له بالاقتصاد، وكان أحمد نظيف يصوغه بطريقة أفضل، مالك يقول: «إنه كلما زادت قاعدة رجال الأعمال المشاركة فى قرار التنمية وصياغة القوانين؛ تحققت الشفافية التى طالما غابت سابقًا، مما أدى إلى تشويه القوانين»، هو مشغول جدّا برجال الأعمال وبالقوانين التى ستمكنهم أكثر، لم يتحدث عن المال والمستهلكين، ولا عن العدالة الاجتماعية التى قامت الثورة لتحقيقها، هو يعبر عن الرأسمالية الشرسة التى تسعى البشرية لفرملتها، والتى ستحول مصر إلى سوق كبيرة للسلع التركية والماليزية! (الجريدة نفسها كان المانشيت الرئيسى لها الجمعة قبل السابق «الإخوان فى الميدان لحماية الثورة»)!