وسط الفرحة العارمة للمصريين فى القرى والنجوع والكفور.. وسط أصوات التهليل والتكبير التى لم تنقطع على مقاهى مصر المحروسة منذ إطلاق خبر وقف تصدير الغاز لإسرائيل، خرجت الوزيرة الحديدية فايزة أبوالنجا بتصريحات باردة كاشفة، تقول فيها «لا مانع من إعادة تصدير الغاز لإسرائيل باتفاق جديد وعقد جديد»، لأن الأمر فى نظرها مجرد نزاع تجارى بين شركتين، وليس له أى بعد سياسى، لدرجة أن الحكومة المصرية لم تقم بإخطار الإسرائيليين بوقف التصدير، ولأن عقد الغاز «انفسخ» من تلقاء نفسه.
نتنياهو ردد كلاماً شبيها بكلام فايزة، نافياً صبغة السياسة عن الأمر، فى الوقت الذى فتح رئيس أركانه النار على مصر، وليبرمان العنصرى البغيض اتهم مصر كعادته بأنها خطر على إسرائيل، وتحتاج إلى «دكر إسرائيلى» يتخذ قراراً جريئاً، يعنى ضربة استباقية أو احتلال جزء من سيناء، فى الوقت الذى رد عليه المشير طنطاوى بأن من يقترب من حدودنا «سنكسر رجله».
الموقف برمته بين التصعيد والترطيب ملىء بالفراغات الملغزة، مثل لعبة السودوكو التى تحتاج لاستكمال أرقامها الناقصة، بما يحقق اكتمال أعدادها المعروفة سلفاً.. وأول هذه الفراغات.. لماذا تم فسخ عقد التصدير الآن رغم تأخر دفع المستحقات من قبل؟، ومن الذى سيوافق على إعادة التصدير باتفاق جديد وعقد جديد.. المجلس العسكرى والحكومة الانتقالية، أم الرئيس المنتخب وحكومة الإخوان؟
وإلى أى درجة يحسب الجانبان المصرى والإسرائيلى درجة التصعيد وترطيب الأجواء فى هذه الأزمة؟ وهل يتم ذلك بالتنسيق المشترك، أم عبر إدراك الحسابات المعقدة لاستقرار المنطقة، والتى لا تتحمل أبداً انفجاراً على الجبهة المصرية الإسرائيلية؟
أكثر من مسؤول إسرائيلى أكد أن الدولة العبرية ستنتظر حتى انتهاء الانتخابات الرئاسية لتقرر سياستها ومواقفها تجاه مصر، وخلال الشهرين الباقيين حتى ذلك الاستحقاق يرسم المجلس العسكرى طريق خروجه الشعبى المفروش بالورود، كما يرسم «التراك» الإجبارى للرئيس المقبل، وحكومة الإخوان المقبلة، ولسان حاله يقول لهما «ورونا شطارتكم قدام الشعب.. أنا وقفت الغاز وبهدلت إسرائيل وعديت الانهيار الاقتصادى والأمنى بنجاح، وأنتم ستوقعون مع ما تسمونه بالعدو الصهيونى كل الاتفاقات والبروتوكولات والمصافحات والأحضان، وستحل عليكم اللعنات الشعبية والنخبوية مشفوعة بالاحتجاجات والاعتصامات والمليونيات».
يا جامد يا مجلس يا عسكرى.