خالد صلاح

خالد صلاح يكتب.. "كلمة واحدة": وقف الغاز.. والبدائل الاستراتيجية لمصر

الأربعاء، 25 أبريل 2012 07:47 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

هذا الشعب لم يرض يوما بتصدير الغاز لإسرائيل، وربما لا يوجد ما اجتمعنا عليه، أنت وأنا وكل قلوب هذا البلد أكثر من هذا المطلب، هذا أمر حسن بالتأكيد، وهذه فضيلة لم تكن لتتحقق لولا سقوط نظام مبارك، ومنطقه فى التعامل مع تل أبيب، وسياسته فى لعبة التوازنات مع إسرائيل.

ولكن.. القرار هنا لم يصدر فى سياق سياسى واستراتيجى منضبط، يمكن الارتكان عليه فى حسابات الوضع الإقليمى اقتصاديا وسياسيا لمصر، فالقرار صدر عن الشركة المصدرة نفسها، أى من جهة اقتصادية وليس مؤسسة سياسية أو برلمانية أو رئاسية أو عسكرية، والقرار صدر بمبررات مالية خالصة لامتناع إسرائيل عمداً عن سداد المديونيات المستحقة عليها للشركة المصرية التى تتولى عمليات التصدير.

قد ترى أنت أن القرار السياسى صدر سراً لحماية مصر من الضغوط الدولية، بينما قامت شركة الغاز بتنفيذ نص القرار بتبريرات اقتصادية، ولا بأس عندى فى هذا التحليل، ولكنه إن صح، فماذا يحدث إذن لو أن الشركة الإسرائيلية قررت مثلا سداد الديون، واعتذرت عن هذا الخطأ الاقتصادى الكبير.. هل ستعاود الشركة المصرية التصدير مرة أخرى بعد حل الأزمة المالية ؟ وما الذى يمكن أن يحدث وقتها من ردود فعل جماهيرية، بعد أن أيد الشارع هذا القرار الاقتصادى الخالص؟

إذن.. أيا كان السياق السياسى والاقتصادى، فإن المسؤولين الذين أصدروا القرار ينبغى أن تكون لديهم الآن حسابات كاملة لما يرتبه هذا القرار من عواقب أقلها إجراءات التحكيم الدولى، وينبغى أن يكون لدى هؤلاء المسؤولين استراتيجية مكتملة الملامح لردود الفعل الإسرائيلية والأمريكية فى هذا المجال، فهل تواصل مصر إلغاء ترتيباتها الاقتصادية مع إسرائيل، لنعبر أيضا إلى اتفاقية «الكويز»، واتفاقات التعاون الزراعى؟ وما هى بدائلنا الاستراتيجية فيما يتعلق باتفاقيات السلام مع الدولة العبرية، حال ذبح كل هذه الصفقات التى أبرمت فى عهد النظام السابق؟

كلنا يتمنى أن نطهر أيدينا كل يوم وليلة لنتخلص من خطايا سنوات الانسجام الاقتصادى مع تل أبيب، ولكننا فى الوقت نفسه، لا ينبغى أن نبنى حساباتنا على أساس الأمنيات وحدها، فالأمنيات تدور فى عقول وقلوب الناس مثلى ومثلك، لكن دور الدولة وأجهزتها، هو أن تضمن لنا ترجمة هذه الأمنيات على الأرض فى مناخ آمن، وبنتائج أقل ضررا على بلادنا.

نسمع الآن من يقول إن التحكيم الدولى قد يقضى لإسرائيل وللشركات المشاركة فى مشروع تصدير الغاز بتعويضات تصل إلى 8 مليارات دولار، ونسمع الآن من يهددنا بالصراع المسلح، ونسمع الآن من ينذرنا بعواقب اقتصادية مؤسفة، إذ لا توجد تصورات راسخة حاليا لتصدير الغاز إلى بلدان جديدة.

إن كانت هذه الإنذارات بغرض التخويف من عواقب القرار ليشعر كل من طالب بوقف تصدير الغاز بالندم على ما دخلنا إليه من مفاسد، فهذه مؤامرة عرجاء لا تسمن ولا تغنى من جوع، أما إن كانت هذه الأجراس تدق لخطر حقيقى، فإن المسؤولية تعود مرة أخرى لصناع القرار فى بلادنا الذين يجب أن يلتزموا رغباً أو رهباً لأمنيات الناس، فى الوقت نفسه الذى لا يتأخرون فيه عن تقديم البدائل التى تحمينا من سوء العاقبة.

مصر من وراء القصد.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة