ولد الطفل"نظير جيد روفائيل" البابا شنودة الثالث فى قرية سلام التابعة لإبراشية أسيوط فى 3 أغسطس 1923م، من عائلة متوسطة الحال وتوفيت والدته بعد ثلاثة أيام بحمى النفاس ورضع من سيدات القرية المسلمات منهن على سبيل المثال السيدة "زينب سيد درويش" وكان له إخوة فى الرضاعة مثل زهرى حمدان... ومن الغريب أن طبقاً لنظريات علم النفس أن الطفل نظير جيد لابد أن يعانى فى تكوينه النفسى من حرمان عاطفى وحسب المنطق يصبح لديه شعور قوى للاحتياج العاطفى ولكن هذا الاحتياج العاطفى وبالبيئة المصرية والوضع فى الكنيسة القبطية شبع من الله فأصبح هولا يعانى احتياجا عاطفيا بل منحه الله شبع لكل احتياجاته وجعله أباً للكنيسة القبطية كلها وأشبع شعبه من الحب والحنان والأبوة الصادقة ومعروف عنه أن كلا من اقترب منه شعر بالحنان والحب.
هناك ترتيبات إلهية لحياة قداسة البابا شنودة الثالث منها:
أولاً: لقاؤه بأمه الجسدية بعد 89 عاماً من العمل الشاق... ترى كيف كان لقاء روح قداسة البابا مع والدته؟ أترككم للتأمل..
ثانياً: كان الطفل نظير جيد نابغة فأخذ شهادة الثانوية ثم التحق بكلية الآداب جامعة القاهرة قسم تاريخ وحصل على الليسانس فى الآداب سنة 1947م بتقدير امتياز فدرس التاريخ ولم يعلم أنه سيصير إحدى صفحات هذا التاريخ.
ثالثاً: تميز عصر قداسة البابا شنودة بوجود شخصية عظيمة فى تاريخ الكنيسة "حبيب جرجس" الذى أسس مدرسة الإسكندرية اللاهوتية بعد وقف عشرة قرون فمدرسة الإسكندرية اللاهوتية توقفت فى القرن السادس وانتقلت من القرن السادس إلى القرن الحادى عشر ثم توقفت تماماً إلى أن أحياها الأستاذ حبيب جرجس فكان قداسة البابا شنودة أحد الأعمدة الرئيسية التى ارتكز واعتمد عليها حبيب جرجس.
رابعاً: ليس غريباً أن يصبح التعليم الشغل الشاغل لقداسة البابا شنودة الثالث أسقف التعليم الذى كان يردد دائماً "هلك شعبى من عدم المعرفة" فاهتم بالتعليم لأنه تتلمذ على يد حبيب جرجس باعث نهضة التعليم فى الكنيسة القبطية.
خامساً: أحب قداسة البابا شنودة الثالث الاعتزال والخلوة مع الله مثل العظيم الأنبا أنطونيوس مؤسس الرهبنة لذلك دخل البرية لكى لا يعود للعالم فاختار مغارة مكث بها حوالى خمس سنوات كاملة.
سادساً: تميز عصر البابا شنودة بوجود أب بطريرك روحانى له موهبة الكشف عن أعماق من يقابله فطلب من رئيس الدير إرسال الراهب أنطونيوس "البابا شنودة أثناء الرهبنة" فوضع عليه يده ليصلى له ولكن البابا كيرلس السادس بدلاً من أن يباركه ليعود للدير صرح بصلاة "أدعوك يا شنودة أسقفاً للتعليم" فاختياره عمل إلهى" غير مدروس وغير مرتب وكانت فكرة أن يُقام أسقفاً للتعليم لم تكن معروفة منذ كرازة مارمرقس الرسول وأراد الله إعطاءه اسماً خاصاً فى الكرازة والكنيسة.
سابعاً: بعد نياحة البابا كيرلس السادس جاء ليقود الكنيسة فى أصعب العصور لأن ما أن جلس على كرسى مار مرقس الرسول حتى تحركت حركات الإسلام السياسى فى الشرق الأوسط ومحاولة أسلمة مصر واضطهاد الأقباط بدأت بالخانكة آخر عام 1970 وتميز عهد الرئيس السادات الذى كان مناوئاً لهذا التيار وبدأ الصدام مع البابا شنودة الثالث عندما حاول البرلمان المصرى تطبيق حد الردة ... وهو"شهادة اثنين من المسلمين على شخص مسيحى أنه أسلم "فإن رفض الإسلام فالحكم بالقتل"... وهنا اعترض البابا شنودة ولم يجد حلاً مع السادات فلجأ إلى الدير وأقام صوماً على الشعب القبطى ثلاثة أيام واعتكف فأهمل القانون ولم يطبق.
حادث الزاوية الحمراء واستشهاد 81 قبطياً وهدم وحرق عشرات البيوت ومحلات الأقباط وعدد من الكنائس.. وهنا حدث الصدام مع الرئيس وأخيراً خطب السادات فى البرلمان المصرى يوم 5 سبتمبر عام 1981 بسحب الاعتراف بالبابا شنودة الثالث وتحديد إقامته فى الدير وبعد سفره للدير أرسل السادات كتيبة هدمت قلاية البابا شنودة فى الجبل وكان على بعد 12 كيلومترا من الدير وبعدها لم يمر شهر يوم 6 أكتوبر 1981 قتل السادات فى حادث المنصة واغتيل السادات على يد من احتضنهم وأخرجهم من السجون.
وقداسة البابا تميز بحالة خاصة فى كل الأمة فحينما لم يجد حلاً على الأرض يجد الحل فى السماء والخلوة والاختلاء بالله فيحل مشاكله وكان دائماً بشوشا ذا وجه محب يضحك دائماً والمرات المعدودة التى رأيناه فيها باكياً مرتين أول مرة بعد الهجوم على كنيسة سبورتينج بالإسكندرية وثانى مرة كانت بعد تفحير كنيسة
القديسين.
وترك الرئيس مبارك البابا شنودة فى الدير 41 شهراً محدداً إقامته ولكن الكنيسة وشعبها لم ترض عنه بديلاً فأبقاه الرئيس مبارك محدد الاقامة فى الدير 40 شهراً إلا أنه تواجد داخل قلوب كل الأقباط المصريين الذين لم يرضوا بغيره بديلاً... مما أفشل خطة الدولة فى القضاء عليه.
البابا شنودة هو: البابا الوحيد الذى ظل يعظ لآخر نفس فى حياته ظل 40 عاماً يعظ شعبه ولو على كرسى متحرك.
البابا شنودة كان يعلم ويعظ شعبه 3 مرات أسبوعياً يوم الأربعاء بالقاهرة والأحد بالإسكندرية والثلاثاء لطلاب الكلية الإكليركية بالقاهرة.
البطريرك الوحيد طوال فترة جلوسه على كرسى ما رمرقس المحافظ على كينونته الرهبانية فكان له 3 أيام أسبوعياً اختلاء فى الدير نصف الأسبوع فى العالم يعظ شعبه والنصف الآخر فى الدير راهباً وناسكاً.لم يأكل لحماً قط كان ناسكاً.كتب 70 كتاباً روحياً وبحثيا للكنيسة القبطية.كان شاعراً وكاتباً وعضواً فى نقابة الصحفيين وواعظاً وناسكاً ومصلياً.لم يهتم بشىء فى العالم لأن نظره كان مهتماً بالسماء.
قبل رحيله بعام تجمع عشرات الآلاف من السلفيين والإخوان المسلمين حول الكاتدرائية حاملين صوره وكانوا يبصقون عليها ويهددون ويسبون ويشتمون... وكانت عظة البابا شنودة بعدها بيومين عن الغفران... تماماً مثل سيده ..البابا شنودة رجل سلام فحمل داخل قلبه الطيب الوديع آلام شعبه ووضعها أمام الرب وعمل للسلام..
أختم بكلمة أحد الإعلاميين المصريين أن "البابا كان رجل سلام لأنه بكلمة واحدة منه يستطيع تحريك 15 مليون قبطى فى مصر... ولكنه كان دائماً يعمل للسلام والوئام الاجتماعى" إذا أتى السيد المسيح على السحاب الآن ليتسلم الكنيسة سيجد فى استقباله 120 أسقفاً رشمهم البابا شنودة الثالث ومئات الشمامسة وآلاف الأطفال قام بتعميدهم بنفسه.
البابا شنودة هو البابا الوحيد الذى حزنت على رحيله قارات العالم الخمس لأنه تميز عهده بنشر الكرازة فى قارات العالم أجمع ونحن منهم. أخير أنهى كلمتى لقداسة البابا لقد رأيناك وعرفناك أباً روحياً عطوفاً وواعظاً مفوهاً رائداً محباً معلماً عظيماً... وأخيراً اكتسبناك شفيعاً لنا جميعاً فاشفع فينا أبانا الغالى.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
المستشــــــــــــــــــــــار
الله يكون في عونك يا استاذ مدحت
عدد الردود 0
بواسطة:
مصري
قداسه البابا شنوده