مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هدم المصريون فى ثمانية عشر يوماً قلعة من الباطل دامت أكثر من ثلاثين عاماً، وعندما جددوا النية على بناء صرح جديد، وسعوا إلى وضع اللبنة الأولى فى دولة العدل والقانون، لم يجدوا سوى الباطل نفسه الذى كانوا قد هدموه من قبل ليؤسسوا به دولتهم بعد الثورة، كأن الباطل وحده هو الذى يصنع الأمن ويحرك عجلة الإنتاج، ويدفع مسيرة التنمية، وكأن الباطل وحده هو كل ما تملكه هذه الأرض فى السياسة وفى القانون وفى الدستور، فى حين حذر الله من هذا الباطل حين أمر نبيه صلوات الله عليه ألا يقيم الصلاة فى (مسجد ضرار) أبداً، فما بنى على الباطل فهو باطل.. قال تعالى فى سورة التوبة:
(لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ، فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ)
إذا كانت المساجد المؤسسة على باطل لا يجيز الله أن تقام فيها الصلاة، فكيف نقبل أن نؤسس برلمان الأمة، ودستور الأمة، ورئاسة الأمة على الباطل، فلا شىء لدينا يمكن أن نفخر به قانونياً ودستورياً، الكل يغمض عينيه عن العوار الدستورى فى قانون الانتخابات، ويغمض عينيه عن تفصيل القوانين، ويغمض عينيه عن العوار فى إحالات التشريعات للمحكمة الدستورية بلا أساس قانونى، والكل يتواطأ على الخلل فى ترتيب انتخابات الرئاسة قبل الانتهاء من الدستور، والكل يبلع لسانه رغَبا ورهَبا من أن ينطق بكلمة الحق فى المواد المعيبة فى الإعلان الدستورى.
والشعار الدائم هو الاستقرار ودفع عجلة الإنتاج، والانتهاء من المرحلة الانتقالية، ونقل السلطة من العسكر إلى قيادة مدنية، وكأن ما أخفقنا فى بنائه خلال فترة النقاء الثورى لصناع التغيير، يمكن أن نحققه بعد أن تلوثت طهارة الميدان بأطماع السلطة، وبدت مصر كالوليمة التى يتقاسمها حفنة من الجوعى الجدد للمال والسلطة.
أين المشروع، وأين العدل، وأين الدستور، وأين الحرية، وأين دولة القانون؟
لا شىء، فالباطل لا يصنع أمة عادلة.
والكل باطل هنا.
يا إلهى، ما الثمن الذى سندفعه جميعاً جراء هذا التواطؤ.
سندفع ثمنا باهظا فى بناء هذه الدولة.. ولو بعد حين..
أعتذر لك يا سيدى هذا الصباح، أعتذر لأننى أزعجت رغبتك فى الاستقرار، وحلمك بالأمن، وموقعك على عجلة التنمية.
مصر من وراء القصد.
مشاركة