عبد القادر أحمد طه

محاذير وقواعد لتأسيس لجنة الدستور

السبت، 28 أبريل 2012 09:46 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كثر الحديث والخلاف بين القوى الوطنية والسياسية وأطياف المجتمع على تشكيل لجنة تأسيس الدستور. وشاب هذه الخلافات بعض المفاهيم والأفكار والتى لا تقف عند الخطأ فى الفهم فقط بل تتعداها إلى تفكيك الروابط الوطنية وغرس بذور الفرقة والانفصال. وبادئ ذى بدء فإن لجنة تأسيس الدستور ليس لها شروط أو قواعد محددة ولكن لكل مجتمع الحرية فى تحديدها بما يراه الأصلح. لــذا فإننى سأقترح ما يلى :-
1- نوعية التشكيل:- يجب أن يكون الأساس المكون والرئيسى لهذه اللجنة من الفقهاء الدستوريين ثم السياسيين ثم الهيئات والنقابات وممثلى المجتمع المدنى وحقوق الإنسان التى يرتبط عملهم فقط بما قد يحتويه الدستور، لأنه لا يمكن ضم جميع النقابات ولا جميع الجهات والهيئات وإلا لكانت اللجنة بالآلاف وليس من المائة فقط. وهو إن كان شرفا لمن يشارك فى هذه اللجنة يحرص عليه الجميع. ولكن تقديم المصلحة العامة على الشرف الشخصى يجب أن يكون مقدما. ولذلك يجب مراعاة الآتى :-
أ‌- مشاركة عدد ليس بقليل من الفقهاء الدستوريين لأن وجودهم هو إعزاز وإثمار لهذا العمل وسيعمل على توضيح كثير من الأفكار والبدائل التى سيدور النقاش حولها.
ب‌- يعتبر الدستور هو القانون السياسى فمشاركة السياسيين هى الأساس الثانى وخاصة وأن أهم محاور النقاش سوف تشمل طبيعة الدولة (برلمانية أم رئاسية أم مختلطه) وصلاحيات ومسئوليات كل سلطة من سلطات المجتمع الثلاث والتى ستختلف طبقا لطبيعة الدولة وطبقا لما نراه يحقق الصالح العام. ولذلك يجب مراعاة الآتى :-
• إن الحياة السياسية تشمل الأحزاب والقوى المستقلة. بل إن الأحزاب بعضها ممثل بالبرلمان وبعضها غير ممثل أو تحت التأسيس. والأحزاب الممثلة بالبرلمان تختلف فى قوة تمثيلها بالمجلس وفى قوة تمثيلها للمواطنين. فلذا فإنه ليس من حقوق المواطنين ولا من قواعد الديمقراطية ما يناديه البعض من تحديد عدد محدد ومتساوٍ لكل حزب فيجب أن يكون هناك تناسب بين قوة الحزب وعدد من يمثله، ولكن بمراعاة أن لا يتعدى هذا التمثيل إلى الاستحواذ على غالبية المقاعد. كما يجب وضع القواعد المنظمة لمشاركة القوى السياسية المستقلة والأحزاب غير الممثلة بالبرلمان والأحزاب تحت التأسيس، خاصة وأن بها من الكفاءات التى قد تزيد عن كثير ممن بالأحزاب الممثلة. بل إن القوى المستقلة تمثل 95 % من المجتمع بالمقارنة بالقوى الحزبية.
ت‌- يجب مشاركة ممثلين للسلطات الأربع (السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية والصحافة) وذلك لأن من غير المنطقى أن يتم تحديد مسئوليات وصلاحيات هذه السلطات بدون معرفة رأيها وصحة أو خطأ هذه الصلاحيات. بل إن السلطة التنفيذية يجب أن تمثل جميع جهاتها التى قد ترتبط بحقوق دستورية مثل التعليم والصحة والعدل والتموين وخلافه. كممثل وحيد لكل جهة من الجهات المرتبطة بالدستور وليس لجميع الوزارات. وعلى أن يتم تحقيق التوازن العددى نوعا ما بينها وبين السلطة التشريعية، وذلك كعشرة أعضاء مثلا لكل سلطة منهما.
ث‌- يجب وجود ممثلين لجهات المجتمع المدنى والنقابات المقابلة للجهات التنفيذية والقضائية لتحقيق التوازن فى العلاقات المجتمعية. وذلك مثل نقابة المحامين لمقابلة السلطة القضائية، وبالمثل لنقابة الأطباء والمعلمين والفلاحين واتحاد العمال وحقوق الإنسان... وخلافه.
2- شروط أعضاء اللجنة: يجب أن توضع شروط لمن يتقدم للترشيح لهذه اللجنة ومن أهمها الخبرة الدستورية أو السياسية. وذلك لأن أعضاء اللجنة إن لم يكن لبعضهم من دور فى النقاش الذى سيدور حول بنود الدستور ولكن صوتهم سيؤثر فى ترجيح بعض الأراء. فإن لم يكن لهم خبرة فى هذا المجال فقد تكون أصواتهم وبالا على هذا الوطن. بل إن إغفال هذا الشرط قد يكون مخططا له من قبل من يريد تمرير دستورا يحقق مصالحه وليس مصالح المجتمع. وإلا كنا كمن قبل بالجامعة من لم يحصل على الابتدائية !!
3- وقف مخطط تفكيك الوطن: إن هدفنا من عمل الدستور هو المحافظة على حقوق ومكتسبات الوطن فلا يمكن تقبل أن يكون أداة لتفكيكه بغرس بذور العصبيات والأقليات والإقليميات وخلافه. ولقد رأيت من الساسة ومن ممثلى حقوق الإنسان من يتحدث عن عدم وجود ممثلين لسيناء أو النوبة فى التمثيل السابق، فى حين أن هذا الكلام عار تماما من الصحة حيث إنه كان يشملهم !! والسيئ أن من يسمع هذا الكلام لا يعرف هذه الحقيقة فسيتم غرس فى نفسه الإحساس بالظلم. فإن كان المتحدث لا يعلم بخطأ مقولته فهى مصيبة لأنه يدمر ويفرق الوطن بجهل، ولو كان يعرفه فالمصيبة أكبر وأعظم وأفدح. وما يبدو لى أن هناك مخططا لغرس الإحساس بهذا الاختلاف (قبليا ودينيا وعرقيا) وذلك للتمهيد لتقطيع أواصر الوطن وتفكيكه بتصدير هذه الأفكار الينا. فلم نر من يتحدث فى أمريكا عن حقوق الهنود الحمر أو الأقلية المسلمة أو المهاجرين من أصول لاتينية أو عربية ولكن ينظر للمجتمع جميعه بأنهم أمريكى الجنسية. كما أن نسبة المسلمين فى فرنسا أكبر من نسبة المسيحيين فى مصر. ولكنه لم يرشح أى مسلم للرئاسة ولا فى أى وزارة إلا سيدة فى الوزارة الأخيرة. ولم يسم أحدا هذا اضطهاد للأقليات !! وعندما تمت إقالتها، لم يسم أحدا هذه طائفية أو اضطهاد !! فالكل هناك فرنسيون فقط والعبرة بالكفاءة ولم يكن لحديث الأقليات هناك من وجود. أفلا يكون لمصر فى قلبنا نفس هذا التقدير. فيجب العمل فورا على وقف هذه النغمة فالكل مصريين فقط وما أعزها من كلمة. والأفضل لنا كمصريين هو تمثيلنا بأفضل أفرادنا بدون النظر إلى الجنس أو الدين أو القبلية أو المنشأ أو المنبت. ولتكن اللجنة كلها من النوبة أو من العريش، أو كلها رجالا أو كلها نساء، فالأهم هو أن يكونوا أكفء المتقدمين. لأنى لا أرى فيهم إلا صفة واحدة إنهم مصريون.
4- يجب توضيح أهمية لجان الاستماع ودورها: فليس للكل أن يشارك داخل اللجنة التأسيسية لما تتطلبه من شروط وخبرة سياسية ودستورية. ولكنه يمكن أن يشارك من خلال لجان الاستماع. فللجان الاستماع دور مهم يمكن أن يستخدمها الكثيرون لتوضيح مطلب هام أو التحذير من خطأ. وتوضيح هذا الدور سيعمل على تقليل الإعداد المطالبة للانضمام للجنة مع عدم ضياع فرصهم للمشاركة فى إعداد الدستور.
5- إن ضرر الاختلاف القائم وما سيتتبعه من تأخير فى إعداد الدستور يضر أكثر من إعداد الدستور ولو بافتقاد صحة بعض مواده. والتى يمكن تعديلها لاحقا. أما تأخير إعداد الدستور فهو قد يعنى تأخير انتخابات رئيس الجمهورية وهو ما لا يقبل فى الوضع الراهن، أو انتخاب الرئيس بالصلاحيات المذكورة فى الإعلان الدستورى وهى مصيبة أكبر. فهذه الصلاحيات أسوء من صلاحياته فى دستور (71) والتى خلقت ديكتاتورا، فماذا ستصنع بنا هذه الصلاحيات الجديدة !!.
لذا فإننى أطالب الجميع بالتنازل وتجاوز أى اختلاف وليخرج الدستور بأسرع ما يمكن فإن غالبية نقاطه لا اختلاف عليها، وإن حدث به أى تجاوز فيمكن معالجته لاحقا. ولأن الأهم هو وقف الإعلان الدستورى بصلاحياته وتجاوزاته الحالية.
6- إعطاء وقت كاف وصورة من السير الذاتية للمرشحين إلى أعضاء مجلسى الشعب والشورى قبل انتخاب أعضاء اللجنة التأسيسية لمحاولة الوصول إلى أكفء العناصر.
ختاما فإن مصلحة الوطن لن تكون بالتصارع على المشاركة ولا بالمغالبة ولكن ستكون بحسن اختيار أفضل العناصر وأكفأها. فإن سوء اختيار المحامى المدافع عنا سوف يتسبب فى خسارة قضايانا. فما بالنا بمن يدفع بنفسه للقيام بدور المحامى وهو لا يعرف القانون !! وما بالنا وأن موضوع قضيتنا ذو أهمية قصوى فقضيتنا هذه هى مصر !! حماك الله يا مصر ووفقنا لما فيه صلاحك.

* رئيس ائتلاف القوى المستقلة.





مشاركة




التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

احمد على

مقال رائع

يا ريت اعضاء مجلس الشعب يقرأو المقال ده

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة