الثقة هى «الصمغ» الذى يربط الناس فى المجتمع. إذا طغى الشك يصبح المجتمع فى خطر، يتصرف بعشوائية، وتظهر الانتهازية، واللعب على الحبال، وممارسة تمارين القفز السياسى.
الثقة مفقودة.اجتمعت القوى السياسية فى «ميدان التحرير» ثمانية عشر يوما على إسقاط نظام مبارك، وقبل أن يمضى على الثورة أربعون يوما دبت الخلافات «إسلامى فى مواجهة علمانى» وظهرت فى استفتاء التعديلات الدستورية فى 19 مارس 2011م، ثم معركة معايير اللجنة التأسيسية التى تضع الدستور، مرورا بالانتخابات البرلمانية. تحول «ميدان التحرير» من فضاء للنضال الديمقراطى إلى ساحة للخلاف، مليونيات أو أشباه مليونيات فى مواجهة بعضها بعضا، منصات الثوار تعارك بعضها بعضا، وخطابات الاستئثار والهيمنة انتجت مفعولها، المواطن الذى تدفأ على مدار ثمانية عشر يوما من النضال فى 2011م فى صحبة رفاقه يخشى اليوم أن يمشى فى ميدان التحرير من البلطجية، لا يثق فى هذا الميدان الذى رد له ثقته بنفسه. الثقة مفقودة بين أصحاب المشروع الواحد، بالتحديد الإسلاميين، من إخوان مسلمين زاهدين فى الرئاسة، إلى مرشح رئاسى إخوانى أساسى وآخر احتياطى، ثم ممارسة ضغوط على القوى الإسلامية الأخرى لسحب مرشحيهم حتى لا يتفتت الصوت الإسلامى، لماذا لا يسحب الإخوان المسلمون مرشحهم لصالح عبدالمنعم أبوالفتوح، الذى تبدو فرصه أفضل بكثير من محمد مرسى؟. لماذا يدير الإخوان المسلمون حربا قاسية ضد أبوالفتوح لأسباب شخصية؟ ألا يؤثر ذلك على أخلاقية المشروع الإسلامى؟
الثقة مفقودة، ثورة 25 يناير أيقظت المواطن المصرى، رأيت أطباء ومهندسين يكنسون، وينظفون شوارعهم.البسمة على وجوه الناس، سرعان ما انطفأت، وخرجت خبايا النفوس.تقلبات المرحلة الماضية غذت شعور الناس بعدم ثقة، من مسرح البالون إلى العباسية إلى ماسبيرو إلى محمد محمود إلى بورسعيد، يشعر المواطن أن العدالة لا تأخذ مجراها، ولا يظهر «جانى» أو «فاعل»، ومهما قيل عن «فلول» و«نظام سابق» وغيره من الشماعات التى نعلق عليها جرائم أزهقت أرواحا بريئة، وصمت بشأن غياب العدالة فى جرائم بشعة تاهت وسط الملفات المعلقة مثل حادث كنيسة القديسين، الذى يبدو أنه يضيع فى لعبة «البنج بونج» بين وزارة الداخلية والنيابة العامة، والعنوان الأساسى «لا يزال التحقيق مستمراً».
اليوم العنوان الأساسى لعدم الثقة هو لجنة انتخابات الرئاسة، التشكيك فيها، واتهامها المبكر بالتخطيط للتزوير. بدأت الحملة بالشيخ حازم أبوإسماعيل الذى اختفى عن المشهد السياسى، يبحث عنه أنصاره فلا يجدونه، ثم دخول أحمد شفيق سباق الرئاسة مما أثار تساؤلات حول مسار العمل داخل اللجنة، والاتصالات التى رصدها الإخوان، كما أعلن خيرت الشاطر بين المجلس العسكرى ولجنة الانتخابات للتأثير على القائمة الأخيرة للمرشحين، لم يرد أحد، ولم نسمع تأكيدا أو تكذيبا، أليس من حق الناس أن تتشكك فى مجمل العملية السياسية؟
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة