منذ ما يقرب من ستة أشهر، نشر فى «اليوم السابع» تقرير تقصى الحقائق الذى أعدته وزارة العدل حول قضية التمويل الخارجى، غير أن ما لفت نظرى فى هذا التقرير، ليس حكم الملايين التى دخلت مصر بعد الثورة، ولا كيفية استغلالها، فهذا كان متوقعاً، جملة واحدة وردت به جعلتنى أندهش وأتساءل: ما الذى يحدث فى مصر؟ ومن يدير شؤونها السياسية؟
قال التقرير فى معرض حديثه عن تدخل المنظمات الأجنبية العاملة فى مصر، إن المعهد الديمقراطى الأمريكى قام بعمل العديد من الأبحاث والتقارير التى تستقرئ الواقع السياسى، وتدرس نتائجه وأسبابه، وترصد آثاره وانعكاساته وتحلل بنية المجتمع بناء عليه، وفى هذا الشأن قام المعهد بعمل دراستين بعنوان «مصر نحو انتخابات ديمقراطية»، و«مصر من التحرير إلى التحول»، ثم قدم مسؤولو المعهد هاتين الدراستين إلى السيد عمرو موسى، وقت أن كان أميناً عاماً لجامعة الدول العربية، وقبل أن يصبح مرشحاً محتملاً ثم رسمياً لرئاسة الجمهورية، وذكر التقرير سبب تقديم هذين البحثين لموسى، مؤكداً أن السبب هو «للاستفادة منهما فى حملته الانتخابية المقبلة»!!
نشرت التقرير وأبرزت فى العناوين هذه القضية لعل السيد عمرو موسى يعلق على ما جاء به، ويوضح الدافع الذى جعل هذا المعهد يرسل له هذين التقريرين، لكنه لم يعلق مؤثراً الصمت، وهذه سياسية أصيلة فى رجال مبارك الذين كانوا يتعاملون مع المعلومات المنشورة فى الصحف، وكأنها «لا شىء» معتمدين على أن ذاكرة الناس من ماء، لا تمكث بها معلومة، ولا يعلّم فيها نقش.
لا أعرف مدى قانونية أن يتعامل مرشح لرئاسة الجمهورية بهذا الشكل الوثيق مع دولة أجنبية، وهو مازال مرشحا، ولا أعرف أيضاً إن كان هذا السلوك يقع تحت المساءلة أم لا، وربما تكون نصوص القانون لا تجرم هذه الأفعال، لكن المدهش أن السيد عمرو موسى لم يكلف خاطره أن يدافع عن نفسه فى هذا الأمر، لذا وجب السؤال: لماذا تحابيك أمريكا يا سيد عمرو؟ ولماذا تفضلك على ما دونك من المرشحين، وتؤثرك بأبحاثها المريبة التى يحاكم من أجراها الآن أمام القضاء؟
أمريكا نفسها لا تسمح لأحد أن يتدخل فى انتخاباتها، ولا أن يقدم دعما ماديا ولا معنويا لأحد مرشحيها، ولا أن تُقوض فرص أحد فى سباق الرئاسة، ومنذ أشهر نشرت صحيفة «كريستيان ساينس مونيتور» أن أمريكا كلها غضبت، حينما دارت شائعات عن أن السلطات الصينية تمول إحدى الجمعيات السياسية، وأن الكونجرس حقق فى الأمر وأدان 22 متهما بالتزوير، وذلك لقطع يد من يتدخل فى شؤون أمريكا، وفى واقعة مشابهة لواقعة موسى، منعت أمريكا أى منظمة أجنبية تعمل فى الشأن السياسى عام 2003، عندما علمت الجهات الأمنية أن سويديين وكنديين يمولون حملة، بهدف تقويض إعادة انتخاب جورج بوش، الرئيس الأمريكى السابق.
عن نفسى: لا أثق فى رئيس يقبل أن تدعمه دولة أخرى بأى شكل من الأشكال، وذلك لأنه لن يقدر على الذود عن سيادة بلده، وهو الذى بدأ وصعد على سلم قصرها الجمهورى بالاستفادة من انتهاكها، وكان الأولى بالسيد عمرو موسى أن يخضع للتحقيق الآن لمعرفة علاقته بهذا المعهد، أو على الأقل أن يسائل نفسه ويصارح مؤيديه قبل خصومه بأسباب هذا الزواج المبكر بأمريكا، الذى سيسفر بلا شك عن مستقبل مشوه.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
جمال عبد الناصر
هذا مربط الفرس
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرى
ايه الكلام المرسل ده
عدد الردود 0
بواسطة:
مصري مصري
نتجرد عند الاختيار
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرية
وضحت لى الصورة يا وائل
عدد الردود 0
بواسطة:
قارئه ومتابعه للكاتب
يسلم قلمك المحترم الجري