شهادة أن لا إله إلا الله وأن سيدنا محمدا رسول الله، هى قمة النضج العقلى والقلبى والوجدانى، وهذا لأن العبد الناطق بها قد استوعب عظمة القدرة التى أبدعت هذا الكمال والجمال الكونى، وكل هذا التنوع فى المخلوقات والتفاعلات بين عناصر الحياة، ونظرية الحياة والاختفاء للمخلوقات والكواكب والمجرات، والوحدة التى تربط كل هذا الخلق فى سيمفونية فريدة، إن جاز التعبير.
إنه الله بديع السموات والأرض خالق كل شىء فى عالمنا وفى العوالم المنظورة والعوالم الخفية، كل شىء يشهد له بالوحدانية وبالقدرة، فهو العلى القدير لا شريك له، ولا ند له ولا مثيل له، يدرك الأبصار ولاتدركه الأبصار، أما الشهادة برسالة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فهى الترجمة الفعلية لهذا الإيمان النقى الذى أنار القلب والعقل، وربطهما بالعالم العلوى وبربه العلى العظيم «وإذا سألك عبادى عنى فإنى قريب أجيب دعوة الداعى إذا دعان»، إنه الإيمان الذى حرر الإنسان من دنس الأوثان، وفجر فيه ينبوع الحب للبشر وللحياة «خيركم أنفعكم للناس»، ثم إن رسول الله، صلى عليه وسلم، هو الإنسان الكامل والنبى الخاتم «لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً» و«إن الله وملائكته يصلون على النبى ياأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما»، إنه بعث ليتمم مكارم الأخلاق، فكل ما فعله رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يشع نورا وبركة وهداية، إنه، عليه الصلاة والسلام، نبراس الهدى، ودليل السعادة، لقد قال رسول الله، صلى عليه وسلم: «خيار أمتى الذين يشهدون أن لا إله إلا الله وأنى رسول الله، والذين إذا أحسنوا استبشروا، وإذا أساؤوا استغفروا» وقال، عليه الصلاة والسلام: «إن خيار الصديقين من دعا إلى الله وحبب عباده إليه» ولا يتحقق هذا إلا بالفناء فى حب الذات المقدسة، وهذا الصنف من الرجال هم شهود التوحيد، وهم من خابر الأنوار القدسية، واستمد أنوار الهداية من الأنوار المحمدية، إنهم أيضا الذين قال فيهم حبيب الرحمن، صلى الله عليه وسلم: «خياركم أحسنكم أخلاقا، الموطئون أكنافا، الذين يألفون ويؤلفون، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف» إنهم عباد الرحمن الذين يسيرون على الأرض هونا، وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما.