يسأل أحد الأشخاص هل الخوف من الموت شىء طبيعى أم يعتبر مرضا نفسيا يستلزم علاجا، حيث أننى يراودنى دائما إحساس بالخوف من الموت، فهل هذا الأمر طبيعى؟
يقول الدكتور محمد عادل الحديدى أستاذ الطب النفسى بكلية الطب جامعة المنصورة كاذب من يقول أنه لا يخاف الموت، لأن أى إنسان يخاف من مواجة المجهول، كما أن الشعور بالخطيئة من الذنوب والمعاصى والخوف من مواجة الله يزيد من الخوف من الموت، كما أن الموت يصاحبه انحلال بالجسد وفقدان القيمة الاجتماعية والمعنوية للشخص، وأخيرا الموت يصاحبه الافتراق عن الأحبة والملذات والآمال، وكل ما هو جميل لمواجه كل ما هو مجهول، وطبيعى أن يجعلنا هذا الخوف من الاستعداد للموت كل منا حسب عقيدته الدينية مما يدفعنا أن نعمل بمزيد من الخير حتى ننال الجنة ونتجنب النار، والعلم بأن الموت شىء حتمى وغير معروف الموعد يجعنا دائما على استعداد له وأن نعمل الخير دوما، وأن نكون أكثر رحمة فيما بيننا، لذلك فإن الخوف من الموت شىء جيد يدفعنا لتحسين من الحياة، ولكن متى يكون الخوف من الموت مرضيا؟
يكون الخوف مرضيا إذا أصبح يلازمنا ليل نهار ويجعلنا غير قادرين على القيام بواجباتنا، هنا يتحول إلى حالة مرضية تسمى "رهاب الموت" ، وهى حالة من الخوف الشديد من الموت وفقد الإحساس بالحياة وبالناس وتوقع حدوث الموت فى كل لحظة مع ما يصاحب ذلك من هم وكرب شديدين وعدم الرغبة للتخطيط للمستقبل حيث لا مستقبل مع الموت.
إن الخوف المرضى هو يسمى أيضا نيكوفيليا، وهو أكثر اضطرابات الخوف انتشارا وهو المسئول عن توتر شديد يرتاب العديد من البشر يوميا، هذا الخوف الشديد يصاحبه فى كثير من الأحوال نوبات من القلق الشديد والهلع التى تتميز بزيادة فى ضربات القلب وضيق فى التنفس وتعرق شديد حتى إن المريض يشعر وقتها أنه يقبض، وأنه سوف يموت، إلا أن هذه الأعراض تختفى فجاء ويظل المريض فى خوف من النوبة القادمة والتى يتوقع أنه سوف يموت معها. ونجد المريض فى هذه الحالة يتجنب ما يذكره بالموت، ومع ذلك يفشل فى إبعاد الفكرة عن ذهنه لحظة واحدة، ومع شدة الألم النفسى السابق والخوف الشديد ينعزل المريض عن الناس تماما ولا ينظر أو يخطط للمستقبل فقط يجلس لانتظار الموت.
وباسترجاع أسباب هذا المرض اللعين نجد أن هناك أسبابا عضوية تتمثل فى نقص فى تركيز موصل عصبى بالمخ، وهو السيرتونين، وأسباب نفسية مثل العوامل الدفاعية للعقل من غير الوعى تجاه الخوف من الموت والذى يفسر ظهور تلك الأعراض بشدة، بعد حدوث حالة وفاة لقريب أو صديق أو حتى مشاهدة مشاهد القتل فى التلفزيون.
ويكمن العلاج فى جانبين أحدهما دوائى والآخر نفسى، أما العلاج الدوائى فنستخدم فيه مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات، أو أحد مجموعات ألماسا SSRIS مع أحد مضادات القلق، ويستمر العلاج الدوائى من ستة شهور إلى سنة حسب استجابة الحالة، أما العلاج النفسى فيتكون من عدد من الجلسات النفسية يتم من خلالها التعرف على تصورات المريض عن الموت، ويتم تصحيح هذه التصورات مع تشجيع المريض على أن يعيش حياته الدنيا بشكل صحيح، يؤهله لهذا اللقاء المحتوم ويجعله أكثر أملا فى رحمة الله وعفوه، كما أن من أعراض هذا المرض هو الخوف من التفكير فيه وذكر أى شىء بخصوصه، مما يطلق عليه الأفعال التجنبية، وللعلاج الشافى لابد من التعرض لكل هذه المواقف بالتدريج مع التدريب على الاسترخاء. ومن هذه المواقف ذكر الموت بزيارة القبور والمشاركة فى الجنازات، القيام برحلات طويلة منفردة للقضاء على الخوف من الفراق والذى يحمل معه دائما فكرة الموت والمعالجة بطريقة العزل فى بيوت الصحة منفردين عن عائلاتهم.