تقول الحكمة: ليس عيبا أن تخطئ، لكن العيب ألا تتعلم من خطئك، لقد تذكرت هذه الحكمة وأنا أتابع نشاط الإخوان المسلمين منذ ركبوا ثورة 25 يناير وسيطروا على البرلمان، ويطالبون بإقالة حكومة الجنزورى، ويسعون لرئاسة الدولة حتى تصبح البلاد فى قبضتهم يطبقون فيها أفكارهم المحفوظة فى ثلاجة التاريخ، دون اعتبار لردود الأفعال التى قد تحدث فينتهى أمرهم مع المجلس العسكرى مثلما حدث مع ضباط يوليو 1952.
والحاصل أن جمال عبدالناصر أبلغ الإخوان بموعد التحرك، وفى صباح 23 يوليو طلب من حسن العشماوى أن يتصل بالمرشد العام فى الإسكندرية لإصدار بيان بتأييد الثورة، لكن المرشد لم يفعل، وفى اليوم التالى سارت مظاهرة إخوانية فى شارع سعد زغلول بالإسكندرية يحملون المصاحف وهتفوا: «الله أكبر ولله الحمد.. الله قائدنا والرسول زعيمنا والقرآن دستورنا».
ولم يحضر المرشد العام إلى القاهرة إلا بعد أن غادر الملك فاروق البلاد فى 26 يوليو، وأصدر بيانا مقتضبا بتأييد حركة الجيش طلب بعده أن يقابل أحد رجال الثورة، فقابله عبدالناصر فى يوم 30 يوليو، وفى اللقاء طالب المرشد بتطبيق أحكام القرآن، فقال ناصر إن الثورة قامت حربا على الظلم الاجتماعى والاستبداد السياسى، وهى بذلك ليست إلا تطبيقا لتعاليم القرآن، فانتقل المرشد إلى مشروع الإصلاح الزراعى وكان مطروحا للمناقشة فى الصحف، وقال إن رأيه أن يكون الحد الأقصى للملكية الزراعية 500 فدان، فقال عبدالناصر إن مجلس قيادة الثورة مصمم على الـ200 فدان حدا أقصى، وهنا اشترط المرشد لتأييد الثورة أن يعرض الضباط على الجماعة أى قرار قبل أن يصدر لمناقشته فى مكتب الإرشاد، فقال عبدالناصر: إن الثورة قامت دون وصاية ولا تقبل بحال أن توضع تحت وصاية أحد. وفى أول أغسطس «1952» أصدر المرشد بيانا طالب فيه بإلغاء دستور 1923 ووضع دستور جديد يستمد مبادئه من مبادئ الإسلام الرشيدة فى جميع شؤون الحياة، وفى 8 أغسطس كتب سيد قطب فى جريدة «المصرى» يقول: إن الشعب الذى احتمل ديكتاتورية الملك فاروق البغيضة يستطيع احتمال ديكتاتورية عادلة نظيفة ستة أشهر، وفى اليوم التالى أعلن المرشد العام أن برنامج الإخوان هو قيام حكومة إسلامية تحكم بكتاب الله، فاتصل عبدالناصر بإبراهيم طلعت مساء يوم 16 أغسطس «1952» وطلب منه أن يكتب مقاله القادم عن استقلالية الضباط وعدم ارتباطهم بجماعة الإخوان المسلمين وقال له بالنص: شوف يا سيدى.. إخوانا المسلمين ماشيين فى البلد توت.. نفير.. مفهمين البلد إنهم همه اللى عملوا الحركة وبيسموها الحركة المباركة .. اعمل معروف اكتب فى المقالة الجاية إن اللى قام بالحركة دى ناس وطنيين لا ينتمون إلى أى هيئة سياسية أو دينية .. هو يعنى كل واحد يصلى ويعرف ربنا يبقى إخوان مسلمين».
ورغم كل هذه المتاعب من جانب الإخوان، فإن عبدالناصر كان حريصا على أن يبقى على حبل المودة معهم، ولهذا قرر إشراكهم فى حكومة محمد نجيب «7 سبتمبر» وطلب منهم ترشيح ثلاثة أسماء، فلما وصله اسمان من المرشد شخصيا، وثلاثة أسماء من مكتب الإرشاد أدرك ما بينهم من اختلاف، فاختار الشيخ الباقورى، فما كان من المرشد إلا أن فصله من مكتب الإرشاد، وأعلن أن الإخوان يرفضون الاشتراك فى وزارة محمد نجيب، لأن فى ذلك إضعافا للجماعة، ومنح الضباط صكا إسلاميا ولونا إخوانيا يستطيعون استخدامه فى التأثير على جماهير المصريين المسلمين.. واللقطات كثيرة.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
صبحى
لكل شخص فى التاريخ مطلبه
عدد الردود 0
بواسطة:
ناصر
الشعب أسقط حكومة رجال الأعمال والاخوان يدفعون برجل غسيل أموال لرئاسة مصر!!
عدد الردود 0
بواسطة:
أ.د. طارق حسن المتولي
في الطريق كان لابد من تسجيد الفقراء في مصر وتحييدهم بالاصلاح الزراعي والارهاب الامني ومجان