للموت فى المسيحية مفهوم مختلف عن باقى الأديان، فهو ليس كما يردد العديد من البشر انفصال الروح عن الجسد، بل إن الموت الحقيقى هو انفصال الروح عن الله، فما رأينا منذ أكثر من أسبوعين من رحيل قداسة البابا شنودة الثالث إنما هو موت الجسد، أى انفصال الروح عن الجسد وهذا لا نسميه موتاً إنما انتقال، لذلك يردد الكاهن فى صلاته: "ليس هذا موتُ لعبدك يا رب إنَّما هو انتقال".
وبالانتقال يأخذ الراحل مرتبة أعلى، لذلك يضع الكاهن صندوق رفات الراحل أثناء الصلاة فى مكان أعلى نسبيا من الحاضرين كناية وإيمانا على نواله منزلة أكبر بتحرره من قيود الجسد وانطلاقة فى عالم الروح مثل قداسة البابا شنوده الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، الذى انتقل بروحه إلى حيث الإله عابراً أرض الشقاء ولأننى أعلم حسب مسيحيتى بأنَّ روح قداسة البابا، تدرك ما تعانية مصر من مشاكل والأم تخيلت بأنى أقمت معه حواراً صحفياً بعد انتقاله، فى هذا الحوار طرحت عليه أسئلة، كان أهمها:
س: قداسة البابا، شبهوا جنازتك بجنازة سعد زغلول، إذ ذٌرِفت دموع الملايين من كل فئات الشعب على فراقك، بمَ تفسر ذلك؟
قداسة البابا: انظر يا ابنى كلمت الرب فى سفر صموئيل الأول، الإصحاح الثانى والعدد الثلاثين، تقول: "أكرم الذين يكرموننى"، فالله يكرم أبنائه فما حدث على الأرض لا يساوى شيئا باكرام الله فى السماء، والسماء هنا ليس فيها تزاوج أو تناسل بل سنكون جميعا كملائكة الله نسبح ونرتل وستكون سعادتنا الحقيقة هى القرب من الله ذاته وليس فى الشهوات الجسدية كما فى الأرض.
س: هل أنتم غاضبون من الذين أرادوا بكم شراً أثناء فترة وجودكم على هذه الأرض؟
قداسة البابا: أنا لست غاضباً، بل حزين لأجلهم فطموح العديد من البشر وسعيهم لأجل منصب دينى أو دنيوى على حساب القيم الإخلاقية والدينية فيسلك الكذب والنفاق والخداع.. أساليب لا تتفق مع روح الدين ولا مع اسم الله، فالله صادق وأمين فى أقوال وأفعاله.
وأنا هنا بكل صدق أحبهم لأننى أطبق كلمات كتابنا المقدس عن الله المحب الذى يشرق شمسه على الأشرار والأخيار، كما هو مدون فى إنجيل البشير متى، الإصحاح الخامس والآية الخامسة والأربعون" :لكى تكونوا أبناء أبيكم الذى فى السموات، فإنه يشرق شمسه على الأشرار والصالحين ويمطر على الأبرار والظالمين، لذلك فنحن نحب الجميع ولم نغضب من أحد بل نحزن لهم لسلوكهم المتعارض مع الدين ومع محبة الله، يا ابنى العلاقة بالله أشبهها لك بعلاقة رياضية لها نتائج رأسية وافقية فكلما.
ارتبطت رأسيا بالله كلما ازدادت علاقتك الافقية حبا وقبولا لباقى بنى البشر.. هذ هو التدين الحقيقى والعلاقة الطبيعية مع الله وغير ذلك باطل.
س: الكل كرمكم قداسة البابا، المجلس العسكرى رتب لكم جنازة طيبة، كما أنَّ المشير طنطاوى أعلن بأنَّ يوم تشييع جثمانكم هو يوم حداد، وسمح لكل المسيحيين بزيارتكم للمرة الأخيرة، بعد أن منحهم إجازة ثلاثة أيام لأجل القيام بذلك، فما رأيكم بكل هذا؟
قداسة البابا: طبعاً ما حدث هو تعبير عن محبة نابعة من قلوب صادقة، وأنا كنت قد صليت لأجل مصر كثيراً، وكم أود أن إله يقود مصر لبر الأمان.
س: لكن قداسة البابا، هناك بعض من عبَّروا بطريقة سلبيه حاولوا النيل منكم وقالوا ألفاظاً لا تليق عنكم، فما رأيكم" أخص بالذات ما بدر من النواب السلفيين فى مجلس الشعب"؟
قداسة البابا: أخبرتك يا ولدى بأنى أحزن على من ابتعد عن الله، فجوهر الله هو المحبة وما فعلوه يُحزن قلبى عليهم، لأنَّه فعل خال من المحبة وأنا حزين عليهم، وأتمنى أن يتلامسوا مع الحب الحقيقى، بل الحب السماوى الصادر من قلب الله وأن يبرهن.
الإنسان على علاقته بالله من خلال أعمال محبة وليس بأعمال تناقض طبيعة الله، وهى الحب فالكراهية والحقد والسباب واللعنة تعكس مابداخل أصحابها.. وضد الإيمان بالإلة المحب.
س: ما شعوركم الآن بعد نهاية حياتكم على هذه الأرض؟
قداسة البابا: شعور يصفه وصية كتبها أحد الآباء القديسين على قبره.
أمضى وتبقى صورتى فانظروا الدنيا الغرور.
لا تنتظروا عودتى لدار المآسى والشرور.
فقد ضللت بمنزلى فى جيرة الله الغفور.
حيث المسرة لم تزل تجلى المآسى من الصدور.
س:لقد قلتم بأنَّ مصر ليست وطناً نعيش فيه إنَّما وطن يعيش فينا.. ماذا عن هذه الكلمات وهل لا زلتم تشعرون بها؟
قداسة البابا: بالطبع، فأنا ما زلت مشغولاً بمصر، لأنَّها أرض ذكرها الكتاب المقدس، كذلك هناك ملايين من الصلوات التى تُرسل من شعبها الطيب إلى هنا، وصلواتى لمصر لا تزال قائمة أمام عرش النعمة.
س: أبى الغالى لقد تعبتم فى حياتكم التى كانت حياة شقاء وتعب فى الخدمة كانت مملوءة تعباً وألما.. إذ كانت الهموم تأتيكم من كل حدب وصوب، فهل تركتم لنا وصية لنحيا من خلالها على هذه الأرض؟
قداسة البابا: الوصية الوحيدة التى أحب تركها هى وصية الرب لكل البشر أن تحبوا بعضكم بعضاً، هذه هى الوصية العظمى أن نحب الله من كل قلوبنا وأن نحب الآخرين، كذلك أن نعمل الخير ونحزن لأجل المسيئين ونطلب لهم الغفران.
س: قداسة البابا لقد افتقدناك أباً ومعلماً ورائداً وقائداً وعطوفاً وحازماً وصادقاً، تُرى ماذا سنفعل بعد فراقك؟
قداسة البابا: ابنى الحبيب، كل ما ذكرته من صفات تليق بالله المحب والمعلم ونحن جميعاً أخذنا منه، أنا أثق بأنَّ الله سيرسل لكنيسته راعياً صالحاً قادراً على إدارتها فى هذه الظروف.
س: أبى وحبيبى هل لى أن أراك ثانية؟
قداسة البابا: يا بنى قلبى وروحى معكم، وصلواتى التى تحمل طلباتكم لا تزال يستجاب لها فى عرش النعمة.
شكراً قداسة البابا لأنَّكم طالما صليتم لأجلنا ولأجل مصر، ورجع صدى صلواتكم يرن فى أقصى السماء. ابنكم المحب لقداستكم.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
علاوي
خطأ
عفوا سيدي الكاتب
انت مخطئ في كل ما ذكرت
عدد الردود 0
بواسطة:
مارى
الله محبه
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرى
رقم 1 علاوى
ردك على المقال يؤكد صحة المقال
عدد الردود 0
بواسطة:
سعيد هيبه
أول مرة أقرأ لك مقال بعيد عن التعصب والغل مقال رغم إختلافى أو إتفاقى فهو جيد
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
والله يا مدحت يا قلاده انني احب حبكم واكره الكراهيه في كل الاديان الاخري
عدد الردود 0
بواسطة:
سامي كامل
النصيحة لك.
عدد الردود 0
بواسطة:
ســعيد متولـى
البابا لم يمـت . . . معقـــول ! !
عدد الردود 0
بواسطة:
مدحت قلادة
الى علاوى وبستكا
عدد الردود 0
بواسطة:
dr-nancy
اخدته مكان ربنا خلاص
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرية بجد
الأخوة الغير فاهمين