4 سنوات مضت على المسمار الأول الذى تم «دقه» فى نعش نظام مبارك بواسطة شباب أطلقوا دعوة للإضراب فى 6إبريل 2008، صنعها وأشعلها الآلاف من البسطاء والعمال فى مدينة المحلة الكبرى، والذين يحق لهم اليوم أن يفتخروا بأن شرارة ثورة 25 يناير الأول اشتعلت بأيديهم وهتافهم وقت ما كان الناس يخشون الهتاف ضد مبارك ونظامه.
وقتها كنت فى جريدة الدستور وكتبت السطور التالية التى أعيد نشرها عليك من باب.. ذكر فإن الذكرى تنفع المخلصين، ولكى تعرف كيف وأين كنا؟! وإلى أى شىء وصلنا؟! اقرأ وركز.
أن تقف فى الشارع وتهتف ضد الظلم، وترفع يدك للسماء داعيا بأن تزول عن مصر الغمة، وما يتبعها من فساد واحتكار وانتهاك لحقوق الوطن والمواطن.. تلك شجاعة لابد أن تفخر بها، وواجب لابد أن تستمتع بأدائه.. أن يرفع الآخرون راية الفشل أمامك، ويستهزئون بوقفتك وحيدا فى منتصف ميدان التحرير بصحبة علم مصر، ويسخرون من دعوتك لإضراب سلمى هدفه الطرق على أبواب السلطة وإخبارها أن الظلم قد جاوز مداه، والغضب الكامن فى صدور الناس يبحث عن مخرج.. تلك ندالة كان لابد أن تتوقعها من شخوص باعت نفسها للإحباط.. وأحيانا للسلطة!
فى 6 إبريل انزل إلى الشارع واهتف ضد النظام، ضد الفساد، ضد الوجوه التى حكمت ماضينا، وتتحكم فى حاضرنا، وتسيطر على الطرق نحو مستقبلنا دون أن تتعب أو يشعر ضميرها بأدنى نوع من القلق..
انزل للشارع أو قم بنزع بلوزة المدام السودا التى تختزنها من أجل مشاوير العزاء وضعها على سور بلكونة بيتكم، وإن لم يكن عندكم بلكونة ضعها فى الشباك، لا تغضب ولا تشتم رجال وزارة الداخلية.. فقط اسعد أولادك واشتر لهم 5 بالونات وانفخها ودعهم يكتبون عليها بألوان حصة الرسم «إضراب إبريل»، أو اللهم ارفع مقتك وغضبك عنا، وبعد أن يزهقوا من اللعب.. أطلق سراح البلالين لتعانق سحاب السماء.
لا تعطل حركة المرور رغم أنها معطلة أصلا، ولا تشتبك مع رجال الأمن.. فقط ارفع يدك عقب صلاتك وخاطب ربك حتى لو لم تكن تصلى، فهو لا يرد السائلين.. اطلب من السماء أن تستضيف من تشاء أنت من المسؤولين، وادعوها أن تقسو عليهم بكل أنواع التعذيب.. هذا هو واجبك نحو 6 إبريل، اختر الوسيلة التى تناسبك وشارك بها، حتى لو كان الإضراب نفسه كذبة كما يروج المروجون، فتلك هى مشكلتهم لا يحبون المغامرة ولا يركبون إلا فوق الجواد الرابح، يشاهدون من بعيد ما سيحدث انتظارا للقفز على الحدث فى الوقت المناسب، حتى أخلاق مشجع الدرجة التالتة لا تجدها فيهم، فى مباريات الأهلى والزمالك يهتف مشجعو الدرجة التالتة قبل الماتش بأسبوع، وينشرون فى هواء حياتهم أجواء التفاؤل التى يعيش فى أحضانها بعض من الخوف، بغض النظر عن النتيجة.
ربما لا ينجح إضراب إبريل، وربما يكون خطوة غير مدروسة لشباب أسكرتهم نشوة أحلام الخلاص من الظلم، ولكن تبقى عدة أشياء مؤكدة، أولها أن العزيمة والإصرار لا تهزمها قسوة رجال المباحث، وثانيها أن النظام أصبح على يقين أنه مهما سيطر وأنفق على وسائل الإعلام، ومهما منح قانون الطوارئ من مسكنات تطيل عمره ستبقى الرغبة فى مواجهة الظلم أقوى من الظلم نفسه، أما آخرها فإن التاريخ سيظل يذكر للناس دوما من وقف فوق السور وحطم أسلاك الظلم، ومن اكتفى بالسير فى ضل الأسوار مطمئنا لما يعقده من صفقات.