إنْ ذكَّرَكَ عنوانُ المقال بـ«جمهورية أفلاطون»، فأنت لم تبتعد كثيرًا.. طمح أفلاطون فى إقامة دولة «العدالة» التى هى أصل الفضيلة، ورأى أن الدولة تُشبه أبناءها، فلا سبيل لرقيها إلا بترقية المواطنين وتعليمهم، وآمن أن حكماء مُتخصصين يجب أن يترأسوا المؤسسات السيادية، كما يترأس المؤسسة الأمنية مَن يجيد حماية المجتمع، بهذه الفكرة بنى أفلاطون مدينته الفاضلة، أوجمهوريته، بأعمدتها الثلاثة الشهيرة: الحكام الفلاسفة، حماة الوطن من الجنود البواسل، عامة الشعب.. جمهورية عمرو موسى، التى قرأناها فى برنامجه الانتخابى، «الجمهورية الثانية»، لم تبتعد كثيرًا عن تلك الفكرة الطوباوية التى نرجوها لمصر لكى تخرج من عثرتها، سوى أن أفلاطون اختصم «الديمقراطية»، ربما لأنها كانت السبب وراء إعدام أستاذه سقراط، حين أُسىء استخدامُها مِن قِبل رجال الدين، بينما لم تناد ثورتُنا إلا بالديمقراطية الليبرالية القائمة على احترام المجتمع واحترام الفرد فى آن، ومن قبلهما احترام القانون، وهو ما ينشده عمرو موسى، وينشده الشعب المصرى.
ينقسم برنامجُه إلى خُطتين: قريبة المدى، وأخرى طويلة المدى.. خطة «المائة يوم»، وهى إجراءات عاجلة لإنقاذ مصر باستعادة الأمن، وإلغاء حالة الطوارئ، وتوظيف علاقاته الدولية الخارجية لضخ استثمارات توفر سيولة مالية توقف النزيف الاقتصادى الراهن، وتوفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين، وتوسّل الاستثمارات الحكومية لصالح مشروعات خدمية من صيانة مدارس ومستشفيات وطرق وأعمال النظافة، والارتقاء بالمرافق والبِنى الأساسية، ومنح العاطلين إعانة مؤقتة، ومعاش للمتقاعدين والأرامل والعجائز، والوفاء بحقوق شهداء الثورة ومصابيها، وتنفيذ الأحكام القضائية النهائية ضد رموز النظام السابق، ودعم قطاع السياحة، وبدء الحرب ضد الفساد بالتقدم بحزمة من التعديلات التشريعية لسد الثغرات التى سمحت للفساد أن يستشرى، وبدء إجراءات تقنين ملكية الأراضى فى سيناء والنوبة والمحافظات الساحلية والحدودية، وبدء مشروع تطوير قناة السويس، وإطلاق ورش عمل رئاسية لفحص الملفات الرئيسية المطلوبة لخدمة المجتمع، وتبنى معايير عضوية الاتحاد الأوروبى كأساس لإصلاح مناخ الأعمال والاستثمار فى مصر، وأخيرًا تشكيل بعض المجالس الضرورية الناقصة، مثل: مجلس الأمن القومى، مجلس العلوم والثقافة والفنون، على أن يتقدم الرئيس، فى نهاية المائة يوم، بكشف حساب مُفصّل للشعب والبرلمان لفحص مدى تنفيذ هذه الإجراءات.
أما الرؤى المستقبلية فتحتل فترة الرئاسة القادمة وتشمل محاور ثلاثة: الرؤية السياسية، الرؤية الاقتصادية والاجتماعية، رؤية الأمن القومى والسياسة الخارجية.. تتمحور الخطةُ السياسية حول خلخلة مركزية العاصمة، وإعادة هيكلة الجهاز الإدارى للدولة المصرية، والقضاء على الفساد، ونلاحظ دمجه الاقتصاد بالاجتماع، لأن كليهما انعكاس للآخر، القضاء على الفقر «وليس» إدارته، إنهاء البطالة، إعادة ترتيب أولويات الإنفاق الحكومى، وتحجيم العجز فى الموازنة العامة للدولة فى ميزان المدفوعات وفى مديونية الدولة لكى يعود إلى الحدود الآمنة، وبناء رؤية جديدة للأمن القومى والسياسة الخارجية، بطرح تصور متكامل لمستقبل الأمن القومى المصرى، لتحديد المجال الحيوى للمصالح المصرية خلال العقود القليلة القادمة من القرن الحالى.. طوباوية جمهورية أفلاطون المُفرطة، ونظامها الطبقىّ القائم على تقسيم الناس تبعًا لكفاءاتهم الفكرية والروحية والجسدية كانت سببًا فى إخفاق قيام تلك المدينة الفاضلة التى ظلّت حُلمًا خياليا عسير المنال، رغم أن «الخيال أهم من العلم»، كما علّمنا آينشتين، لكن لنا أن نأخذ من أفلاطون حكمته البليغة التى تقول: «إن مَن يقف على سُدّة الحكم يجب أن يكون زاهدًا فى المال والشهرة والضوء وكل شىء إلا الحق والخير والجمال، وأن يكون شغف العدل منهجه»، نحتاج رئيسًا شبع من الضوء والشهرة والأسفار، لكى يبدأ فى بناء مصر.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
وجدي صادق
بحب حمدين وهنتخب موسي
عدد الردود 0
بواسطة:
أشرف الطويل
مصر تحتاج رئيس "لايق" عليها !!!
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد طه
الانسب لهذه المرحلة
عدد الردود 0
بواسطة:
جاليليو
بجد برافوا عليكي
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود المصرى
نعم عمرو موسى
عدد الردود 0
بواسطة:
سامح عبد الواحد
مرجعية مختلفة للتوازن
عدد الردود 0
بواسطة:
رائد صدقى
عمرو موسى الجمهورية التانية
عمرو موسى الجمهورية التانية
عدد الردود 0
بواسطة:
حسام السيد
يسطيع جمع المصريين على مشاريع قوميه
عدد الردود 0
بواسطة:
samy
نعم عمرو موسى
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد على
عمرو موسى شخصيه دبلوماسيه مرموقه