باتت الانتخابات الرئاسية قاب قوسين أو أدنى من محطتها الأخيرة بالاقتراع المباشر لاختيار رئيس الجمهورية القادم الذى سيتولى زمام الأمور خلال السنوات الأربع القادمة، ويعوّل الشعب المصرى بأكمله على هذا الرئيس للخروج بالبلاد من عنق الزجاجة، ورغم أهمية هذه الانتخابات بجميع المقاييس، لكن لاحظنا أن هناك من يسعى منذ هذه اللحظة إلى التشكيك بقوة فى نتائج الانتخابات الرئاسية المقبلة، وهم فى هذا تناسوا أهم قواعد الديمقراطية والتداول السلمى للسلطة وهى قبول الأطراف المنافسة بنتيجة صندوق الاقتراع منذ البداية، بحيث يخرج الطرف المنهزم بقبول نتائج الانتخابات، ولعل النموذج الأمثل لهذا الأمر ما حدث فى الانتخابات الفرنسية التى انتهت مؤخراً، حيث قبل ساركوزى نتائج الانتخابات تماما التى انتهت بفوز منافسه هولاند فى جولة الإعادة، هذا فضلا عن السرعة التى انتهت بها عملية فرز أصوات الناخبين فى ربوع فرنسا التى لم تستغرق سوى ثلاث ساعات فقط.
وبالتالى فإن البدء فى التشكيك فى نتائج الانتخابات الرئاسية منذ هذه اللحظة حتى قبل بدء عملية الاقتراع والتصويت يحمل معه ملامح خطر فادح على الدولة المصرية برمتها، وقد بدأت مرحلة التشكيك من خلال اتهامات لرئيس اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية واللجنة ذاتها، وهو الأمر الذى أدى إلى قيام اللجنة بتأجيل اجتماعها بالمرشحين.
ولكن الأخطر من ذلك الأمر، أن هناك حديثا حول تعديلات على قانون الانتخابات الرئاسية رقم 174 لسنة 2005، وهنا كيف يجرى تعديل على قانون يحكم العملية الانتخابية فى أثناء الانتخابات، فالأصل أن الانتخابات تجرى وفقا لقانون معروف للجميع، وكل المرشحين يدركون هذا القانون، وبالتالى فإن توقيت التعديلات التى يجريها البرلمان حاليا يعكس حالة من حالات التخبط التشريعى وربما يؤدى إلى تأجيل الانتخابات إذا استمرت على النحو التالى. وهنا يجب القول بأن المادة 28 من الإعلان الدستورى معيبة لتحصين قرارات اللجنة العليا، وهنا يجب تدارك هذه المشكلة فى الدستور الجديد، ولو حصر حق الطعن للمرشحين المنافسين ولمدة شهر على الأكثر، ولكن العدول عن هذا الأمر بعد مرحلة من الانتخابات يعد ارتدادا عن القانون، ويفتح الباب لتأجيل الانتخابات، وبالتالى فإذا كنا بدأنا الانتخابات بمعايير معينة يجب أن نستكمل الانتخابات وفقا لهذه المعايير على أن يتم تعديل هذه المعايير فى الانتخابات القادمة.
وهنا، فعلى جميع القوى السياسية والمجتمعية القبول بنتائج الانتخابات لأنه لا مخرج من أزمة البلاد إلا بوجود رئيس منتخب يتولى مهام السلطة قبل 30 يونية لعام 2012 وتستكمل البلاد انتخاب باقى هياكل الدولة السياسية لكى تقوم الدولة بدورها فى الخروج من النفق المظلم، وتتم إدارة شؤون البلاد بما يعزز الارتقاء بالمواطن المصرى البسيط والنهوض بالدولة على الصعيد الاقتصادى والاجتماعى والسياسى وفى جميع مناحى الحياة، وأن جميع القوى السياسية فى هذه المرحلة تتحمل تبعات الإعلان الدستورى، لكون بعض القوى قد انحازت بعد الثورة إلى إجراء الاستفتاء أولاً، وهو ما حذرنا منه حينئذ، وطلبنا بأن يكون الدستور أولاً، ولكن للأسف هرعت بعض القوى السياسية إلى الاستفادة من مكاسب الانتخابات البرلمانية لتحقيق مكاسب خاصة بها على حساب المجتمع ككل، ودخلنا انتخابات تشريعية ثم معركة الرئاسة دون وجود دستور حقيقى يعبر عن مقتضيات المرحلة الراهنة التى جاءت بعد ثورة 25 يناير لعام 2011 والتى قامت على أسس ثورية وليس على أساس تحقيق نوع من المواءمة والمكاسب السياسية، فلو تم سن الدستور أولاً، لكنا قد قضينا على جميع هذه المشاكل التى ثارت، وبالتالى لا بد من قبول نتائج صندوق الانتخابات أيا كانت وأيا كان من سيتولى الرئاسة، فسوف تكون مرحلة انتقالية أيضا لحين الانتهاء من بناء مؤسسات الدولة.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
اسماعيل
لن نقبل بالفلول
عدد الردود 0
بواسطة:
صـفـوت صـالـح الـكـاشف / الـقــــــاهـرة
//////////// وماذا عن نائب الرئيس؟ ////////////
عدد الردود 0
بواسطة:
Mahmoud
تحية تقدير للكاتب و كلمة عتاب لتعليق رقم 1