عندما تذوب قلوب المصريين حزناً

اختلفنا أو اتفقنا حول الأطروحات الفكريَّة التى تعجّ بها الساحة السياسية لكن تبقى حرية الاعتصام والتظاهر حقًّا مشروعًا لكل مواطن مصرى.. اتفقنا أواختلفنا لكن تبقى مبادئ الشفافية والنزاهة وسيادة القانون هى الحل والفيصل فى التعامل مع أى أزمة مهما يكن حجمها، لكن أن يسود منطق البطش وقانون الغاب فى حل المشكلات والأزمات فتلك كارثة يندى لها الجبين، لقد ذابت قلوب المصريين حزنًا وكمدًا وهم يرون دماء المعتصمين والمتظاهرين فى العباسية تُسفك لمجرد الاحتجاج ويطلق عليهم البلطجية فيُقْتَل العشرات ويصاب المئات، لم يصدق المصريون أعينهم وهم يرون على شاشة التلفاز هذه القوة المفرطة فى مواجهة المتظاهرين والقوة الغاشمة التى انتهكت كل القيم والأعراف من ضربٍ للنساء، واقتحامٍ لمسجد النور، واعتقال للمصلين.. إنَّها جرائم بشعة كان يجب أن نتوقف أمامها جميعًا للتحقيق فيها ومحاسبة من يملك القوة الغاشمة التى بطشت بهذا الشعب وسفكت دمه دون حرمة.
لقد تساءل المصريون هل هذا هو نتاج الثورة التى نرجوها.. لقد نجحنا فى إسقاط أعْتَى النظم الاستبدادية فى العالم العربى وخلع الطاغية مبارك.. لكن لم ننجح حتى الآن فى إقامة العدل وسيادة القانون فى ربوع البلاد لأن هناك من زرع طريق الثورة بالألغام ووضع العراقيل والعقبات، حتى لا ننتقل من الاستبداد إلى الحرية.. بل فخّخ المشهد الثورى بالمجازر والمذابح بدايةً من محمد محمود ومجلس الوزراء ومرورًا بمجزرة بورسعيد ونهاية بمذبحة العباسية.. فمن المسؤول عن كل ذلك سوى العسكر الذين لم يتناغموا مع الثورة يوما بل سعوا إلى استنساخ نظام مبارك بإطلاق أذرعه التخريبية وافتعال الأزمات والكوارث للالتفاف على الثورة حتى وصل الأمر إلى وضع الألغام والعراقيل فى محاولة لتأجيل انتخابات الرئاسة للتربع على كرسى السلطة ثم كانت الطامة الكبرى فى العباسية وهى قيام الشرطة العسكرية بضرب واعتقال النساء وانتهاك كرامة الصحفيين والإعلاميين بحلق رؤوسهم فى سابقة تسىء لمصر كلها.
رغم كل الأوجاع والأحزان نحن واثقون من اكتمال الثورة المصرية بإجراء انتخابات الرئاسة فى موعدها ليختار الشعب رئيسه.. ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله.