معركة الانتخابات فى ذروتها، وكما هو متوقع هناك ضرب تحت الحزام، وهناك الدعاية للمرشح والدعاية السوداء ضده، وثبت فى هذه المعركة غياب الدور الفاعل للأحزاب، بما فيها الأحزاب التى ساندت «رسمياً» مرشحاً ما، يبدو أن هذه المساندة اقتصرت على دعم المرشح أمام اللجنة العليا للانتخابات، لكن لم نجد دوراً فاعلاً فى الدعاية وتقديم برنامج المرشح، باستثناء، د. محمد مرسى، الذى يدعمه الإخوان، ولا يمكننا حتى الآن التمييز بين ما للحزب وما للجماعة بالنسبة للدكتور مرسى وغيره من قيادات الإخوان.
والحق أن الذى سيقوم بالعبء الأكبر فى مسألة تقديم المرشحين الفضائيات المصرية، باستضافة المرشح، وإجراء حوار موسع ومعمق معه، وباتت برامج الفضائيات وسيلة الناخب للتعرف على المرشح وبرنامجه أو ما يتصور أنه برنامجه الانتخابى، ذلك أنه من متابعتى فإن الكثير مما يقوله معظم السادة المرشحين يدخل فى أحاديث استعراض الأفكار والمواقف العامة، شديدة العمومية، لكن هناك قضايا تفصيلية تغيب، فضلاً عن المبالغات فى الوعود، فبعضهم يتحدث عن مئات المليارات سوف ينفقها دون أن يقول لنا من أين ومتى؟.
ما يعنينى -هنا الآن- أن الفضائيات المصرية، ببعض برامجها، صارت بديلاً للأحزاب، ذلك أن أحزابنا، فى معظمها، لم تصل إلى المواطن فى الشارع وفى القرى والنجوع، أتحدث عن الأحزاب بالمعنى الحقيقى، لا الأحزاب التى أعلنت لتمنح مشروعية لجماعات أيديولوجية أو تمكن أنصار هذه الجماعات من دخول العمل السياسى من أوسع الأبواب، أتحدث تحديداً عن جماعة الإخوان والجماعات السلفية، فهذه لن تصبح أحزاباً حقيقية دون أن يقطع الحبل السرى بينها وبين الجماعات التى تقف خلفها، بحيث يكون ما لله لله وما لقيصر لقيصر.
وإلى أن يحدث ذلك وتنمو الأحزاب ويكون لها جمهورها الواسع، سوف تبقى هذه الفضائيات هى المنفذ أمام المرشح والوسيلة السهلة أمام المواطن للمعرفة والالتقاء بأفكار وآراء المرشحين.
وغنى عن القول أن وجود الفضائيات، على هذا النحو، يفرض تحديات حقيقية على الصحافة المصرية، وخاصة الصحافة اليومية، ذلك أنها لن تتمكن من الملاحقة الإخبارية السريعة، أما المجلات الأسبوعية فعليها دور آخر.
فى زمن السادات وزمن مبارك كان واضحاً غياب الأحزاب، ولم يكن ظاهرا للعيان وللمواطن من الأحزاب سوى صحيفة كل حزب، وكان التعبير السائد وقتها أننا بإزاء صحف تصور أحزابا وليس العكس، والآن يتطور الأمر وينتقل من الصحف إلى الفضائيات، فتتولى هى تقديم المرشحين وتتنافس بينها فى ذلك، ويبقى التليفزيون الرسمى هو الأضعف فى تلك المنافسة.
تصور البعض أن الفضائيات انتهى دورها بسقوط نظام مبارك، وأنها بعد إغلاق ملف التوريث لن تجد شاغلا لها، ولم يكن ذلك صحيحاً، فكثير من مؤسسات المجتمع لم يتم بناؤها، وفى المقدمة منها الأحزاب، فضلاً عن مراكز البحث والمعلومات، ولذا سوف يبقى لهذه الفضائيات دورها وواجبها تجاه المواطن، فالمعرفة حق للمواطن وكذلك المعلومة.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة