فى انتخابات الرئاسة، يختار الناخبون مرشحا واحدا فقط، وفى الانتخابات البرلمانية يفاضلون بين اثنين أو قائمتين، وعليه من الصعب الحديث عن تحالف مرشحين بعد إعلان خوضهما الانتخابات، ومن الطبيعى أن تدور المنافسة ويبذل كل مرشح جهوده ليؤكد أنه الأصلح، وأن منافسيه أقل منه، بل ويبذل جهوده للكشف عن عيوب خصمه ونقاط ضعفه، وعليه فإن ما يجرى من حروب تحت الحزام وفوقه، وفيديوهات وتناقضات لهذا المرشح أو ذاك أمر طبيعى بين متنافسين وهو التطور العادى للمبارزات بالسيف التى كانت تنتهى بمقتل أحد المتبارزين.
يسعى كل مرشح لكسب عقول وقلوب الناخبين. والمعركة الحقيقية تدور لاختطاف القلوب وليس العقول، فالعقول فى وضعنا الحالى تحتاج إلى وقت وجهد وتجارب يكتشف الناخب فيها الطرق الطبيعية للتفرقة بين الكاذب والصادق، مع الأخذ فى الاعتبار أن الكذب جزء من السياسة، وفى حالة غياب القواعد يكون الكذب أحيانا طريقا للفوز.
وفى ظل التزاحم والتصادم والزحام فإن اللعب على القلوب أسهل، لأنه لا يحتاج إلى جهد، وفى الكثير من الحملات والمؤتمرات يغيب العقل فى الخطب والأحاديث، رأينا كيف أن مرشحا كذب وظل يكذب ومازال، لكنه يجد من يصدق أكاذيبه، ويؤمن به ويبايعه، هو يعرف أنه يكذب، لكن الألتراس يرفضون ذلك، لأن الألتراس لا يرى العيوب ولا يتحول عن تشجيع فريقه غالبا أو مغلوبا، وينحاز له ويستعد كثيرا للتضحية بحياته، لأنه يذوب فى النموذج، وهذا الذوبان هو الذى ينتج التطرف والتعصب القاتل فى بعض الأحيان، ومثله رأينا نائبة تعلن أن الله يدعم مرشح جماعة الإخوان للرئاسة، أو خطيبا من راكبى الثورة، يكاد يقتل نفسه فى التنطيط فى مؤتمرات مرشح الجماعة، ويهاجم خصومه ويكذب وهو يتهمهم، دون أن يشعر بأنه يبيع الدين من أجل السياسة والسلطة، مثل مؤيدين وخطباء يستخدمون العقيدة ويلعبون على إيمان الناس ويوهمون الناس بقداسة مرشحهم، وقد رأينا فى الانتخابات البرلمانية الأخيرة نوابا فازوا لمجرد أنهم قالوا للناس أنهم ليسوا طلاب سلطة وأن هدفهم الإصلاح، وأنهم ممثلو الإسلام ورأينا من أفعالهم ما يناقض ظاهرهم ووعودهم.
المرشحون مستعدون لفعل أى شىء والتضحية بأى مبدأ من أجل السلطة، ولا يقولون هذا، يغلفون سعيهم للسلطة بغلاف من المصلحة والخدمة وأنهم يضحون من أجل البلد. ولا يمكن أن نرى مرشحا يقول للجمهور أنه رشح نفسه من أجل مصلحته الشخصية، أو أنه يريد السلطة، فى هذه الحالة سيتعاملون معه على أنه طامع، ويفضلون عليه المرشح الأكثر نعومة، الذى يقدم نفسه فى صورة المرشح المتواضع الطيب المضحى بالغالى والنفيس.
هذا عن المرشحون والتراسهم، فماذا عن الناخبين، هل يختارون بعقولهم أم بقلوبهم. وفى النهاية سيفوز احد المرشحين وفى ظل اختلال القواعد، واللعب على القلوب بالكذب والوعود، ليس بالضرورة أن يفوز الأصلح. وقد رأينا كيف يفوز الأكذب.