لقد بدأت سرقة الثورة منذ الإعداد للتعديلات الدستورية، التى تم الاستفتاء عليها.. وتسارعت خطى هذه السرقة فى هذه الأيام، حيث بدأ بعض رجال الحزب الوطنى المنحل، فى التحرك حاليًا بقوة والبدء فى صرف مرتبات أسبوعية للكوادر الانتخابية للإعداد لتحريك جموع المواطنين للتصويت، والذى يبدو أنه سيكون بمقابل مادى، يتحمله رجال الحزب الوطنى كل فى دائرته.
وهو ما لا يستطيع ولا أظن أن يقبل القيام به أى من المنافسين!! وسيمثل هذا خطورة فعلية لعودة النظام السابق للحكم مرة أخرى بشكل صريح.. وأذكر على سبيل المثال، وليس على سبيل الحصر، بعض الخطوات التى تمت لسرقة الثورة وهى ما يلى:
1- إحداث فرقة بين القوى الوطنية (كدينية وغير دينية) باستخدام الاستفتاء اتباعًا لسياسة فرق تسد.. ويؤكدها أن الاستفتاء لم يعول عليه أى نتيجه.
2- محاولة إحداث فرقة بين القوى الثورية بالتحرير وباقى أفراد الشعب مستغلين حالة البلاد المتردية (المتعمدة من النظام السابق/ الحاضر) وأخطاء بعض القوى الثورية وحماسها غير المحسوب.
3- إضعاف قدرة الشباب بطريقة إفساد الحكام بتأليهها.. وهو ما يقوم به الشعب المصرى وإعلامه مع حكامه منذ 7 آلاف سنة بتأليه الحاكم حتى لا يسمع إلا نفسه ولا يظن أنه قد يخطئ.. فتم ويتم تأليه الشباب فأصبح لا يرضى بأنه يستمع إلى أى القوى السياسية، مما جعله حماسا بلا نتيجة لأنه يفتقد الخبرة السياسية.
4- تغير روح تأييد الثورة: فقد تم العمل على نار هادئة لتغيير روح تأييد الثورة والوصول بالإحساس الشعبى إلى الرغبة فى عودة النظام السابق وذلك باستمرار وضعه تحت الضغوط الاقتصادية والأمنية وقطع الطرق ووقف أو تأثر الخدمات.. بل وصل الأمر إلى قطع المياه عن محافظة قنا والتهديد بقطع الكهرباء والغاز عن بعض المحافظات الأخرى.. وخلافه.
5- مما أوصل كثيرًا من المواطنين للكفر بالثورة والتحسر على الأيام الماضية.. وكأن ما يحدث ما هو إلا ترجمة لكلمة "أنا أو الفوضى".
6- إشغال المواطنين عن المتابعة العميقة للأحداث فى فترة نقل السلطة بالأزمات كالبنزين والسولار والحرائق والحوادث الأمنية والتصادمية و... خلافه.. مما يؤثر على صحة اتخاذ القرار والفهم الصحيحة لأحداثها.
7- زيادة تربص الدول الغربية بالثورة: فرغم أنه من المعلوم أنه ليس من مصلحة إسرائيل ولا تابعتها أمريكا من نجاح الثورة لأن النظام السابق كان يحقق لهما الخضوع الكامل والانقياد المطلوب لتحقيق مخططاتهما. ولكنى أظن أنه حتى لا تتردد أمريكا – فى الباطن– من إفساد الثورة، فقام هذا النظام بدفع اللهو الخفى واستخدام حماس الشباب غير المحسوب لدفع الصدام مبكرًا وإظهار كره الثورة لأمريكا ولإسرائيل وذلك بسحب قوى التأمين الخاصة بالسفارة الإسرائيلية لتشجيع اقتحامها.. وإلى الآن لم يعرف ما هى أسباب سحب قوى التأمين، التى كانت متواجدة أمام السفارة حتى لحظات كسر الحائط الفاصل للسفارة!! وهو ما سيجعل الدول الغربية تتغاضى الطرف عن محاولات النظام السابق للعودة، بل والعمل من خلال التوجيه الخاطئ لبعض القوى الوطنية وخاصة المتأثرة بالفكر الغربى أو التمويل الأجنبى– بعضها بحسن نية– إلى إحداث الضرر بالثورة، مثل بعض اعتصامات القوى الثورية، والذى سنوضح آثاره وأضراره لاحقا.
8- وضع قنابل موقوتة داخل الاستفتاء مثل المادة (28) فى الإعلان الدستورى، والتى تم استخدامها فى توقيتها المناسب حاليًا.
9- وضع قنبلة أخرى فى قانون مجلس الشعب، وساعد عليها طمع أغلبية الأحزاب فى الاستحواذ على أكبر عدد من المقاعد.. وهو ما قد يجعل تشكيل مجلس الشعب بقانونه الحالى غير دستورى.. وبالتالى يمكن أن يتم حله.
10- وفى حالة إعادة انتخابه أتخوف أن يكون غالبيته فى المرة التالية من النظام السابق.. ويساعده على ذلك نتائج الأعمال المذكورة عالية ويضاف إليها ممارسات أحزاب الأغلبية الحالية، وما شابها من الكثير من الأخطاء، والذى أفقدها ثقة الشارع.. فضلا عن أن غالبية باقى الأحزاب ليس لها من الأصل وجود ولا ثقل بالشارع المصرى، أما القوى المستقلة فقد تم تحييدها بقوائم وحجم دوائر قانون مجلس الشعب الأخير المعيبة.
11- وسيزيد هذا الأمر سوء الحالة الاقتصادية المتردية، التى تم إيصال المواطنين إليها، وبالتالى سيساعد هذا على شراء أصوات كثير منهم فى الانتخابات الرئاسية أو البرلمانية التالية.. وبالتالى عودة النظام السابق ولكن بأسماء ووجوه جديدة.
12- ويزيد كل هذه الأمور سوءًا احتمالية التزوير بالتلاعب بقواعد بيانات الناخبين.. حيث تم إضافة 8 ملايين اسم جديد فى خلال عام واحد فقط، رغم أن إجمالى مواليد سنة 93 والذين يحق لهم التسجيل حاليا كانوا 750 ألفًا فقط!!
وللأسف الشديد فقد كان لنا نحن جميعًا أياد فى المعاونة على سرقة ثورتنا بتسهيل كل ما ذكر عاليه أو الوقوع فيه.. فضلا عن أخطاء وممارسات أخرى أذكر منها على سبيل المثال أيضًا وليس على سبيل الحصر ما يلى:
1- افتقاد القدرة والرغبة على التواصل مع الآخرين، وكأن كلاً منا هو الحامى الوحيد للثورة، وذلك حتى بين القوى الوطنية والشبابية.. مما أفقد الجميع تناقل المعارف والخبرات والوصول إلى أفضل الخيارات.
2- ارتفاع الأنا بين غالبية المواطنين والأحزاب والقوى والعمل للمصلحة الشخصية أو الحزبية أو مصلحة الجماعة، أما مصلحة الوطن فقد كانت الحاضر الغائب.
3- الالتفات عن الخطوات الأساسية لتغيير النظام فعليا ومنها رفع الوعى السياسى بالشارع المصرى.. وذلك بالانغماس الكامل فى قضايا جماهيرية من نظافة وطلاء للأرصفة.. وخلافه.. والتى رغم أهميتها ولكنها كان لا يجب أبدًا أن تشغل عن رفع الوعى السياسى لدى المواطن البسيط، والذى يمثل غالبية الشعب المصرى، وذلك لأن نجاح الثورة كان فى حد ذاته هو المحقق الفعلى والضامن لاستمرارية هذه الأعمال، التى كانوا يقومون بها، فضلا عن تحقيق باقى أهداف الثورة من عيش وحرية وعدالة اجتماعية.. وقد ساعد على الوقوع فى هذا التشتت والالتفات عن الهدف الرئيسى هو افتقاد لغة التواصل بين الأفراد وبين الأجيال كأثر سيئ من آثار الثورة.
4- كان هناك التفات آخر عن القضايا الأساسية، وذلك بالقضايا الثورية مثل المظاهرات والاعتصامات.. بل كان لبعضها وخاصة الاعتصامات خسائر أكثر من المكاسب، وذلك على الأقل لسببين.. أولهما: فقد تعاطف والتفاف الجماهير حول الثورة، بل كره لها.. وثانيهما: كان فى ترك توعية المواطنين السياسية، وما نتج عنه من أخطاء وسقطات وخسائر.. وقد ذكرت 6 أبريل مؤخرًا أنها سوف تستمر فى الاعتصام حتى يتم نقل السلطة!! ومع ثقتى فى توجهها الوطنى، ولكن هذا سيعنى أنها سوف تستمر فى الاعتصام مع ترك الفرصة للنظام السابق لاستكمال خطواته واستلام الرئاسة ثانيًا!! فهل هذا هو النجاح الذى نسعى إليه؟!
5- مجموعة حازمون أصبح من الخطورة أن نضع الوطن فى كفة والفرد أيًا ما كان فى كفة أخرى.. هذا من ناحية الخطورة.. أما من ناحية ضياع الثورة فانشغالكم وإشغالكم لجميع القوى الوطنية يصب فى ناحية ضياع الوقت عن توعية المواطنين بالشارع السياسى.. بل إن زيادة الفوضى فى الشارع العام تدفع بكثير من المواطنين لكره الثورة ومرشحيها.
وعلى ذلك فإننى أستشعر أن الثورة للأسف الشديد كادت تصل إلى نهايتها ولذلك فإننى أظن أنه من المهم البدء فورا فى الآتى:
1- مع أننى غير موافق على المادة (28) من الإعلان الدستورى، وعدم موافقتى سابقا بل ومحاربتى لـ"نعم"، التى أتت بها.. ولكنى أحترم وألتزم بقواعد الديمقراطية ويجب على الجميع الالتزام بها.. فلا يملك أى فرد ولا حتى المجلس العسكرى ذاته إلغاء هذه المادة الآن.. فإلغاؤها الوحيد لا يمكن أن يكون إلا من خلال استفتاء آخر.. فأنصح بوقف المطالبة بإلغائها مع عدم موافقتى عليها.
2- ضرورة استنفار جميع القوى الوطنية والشبابية وترك ميادين الاعتصام والتركيز فورًا على أهم قضايانا لحماية الثورة بتوعية المواطنين فالثورة تكاد تصل إلى نهايتها.
3- طعن جماعى وفورى من جميع مرشحى الرئاسة فى صحة قاعدة بيانات الناخبين المقدمة من وزارة الداخلية.. مع دراسة إمكانية إجراء الانتخابات بقاعدة بيانات التعديلات الدستورية الأخيرة (3/2011) لعدم تأخير الانتخابات مع وقف الأسماء المشكوك فى صحتها.
4- ضرورة تشكيل لجنة انتخابات رئاسية موازية.. تضم آلافًا من المتطوعين فى كل الدوائر الفرعية وأقترح أن يتولى رئاستها أحد السادة القضاة، وأن تتم بالتعاون مع مرشحى الرئاسة، وذلك لتغطية المندوبين على مستوى جميع الدوائر الفرعية وإعطاء الغطاء القانونى لهم.. على أن يقوموا جميعًا بحضور الفرز وإخطار اللجنة الرئاسية الموازية بنتائجها.. وذلك لمراجعة اللجنة الرئاسية الأصلية فى حالة حدوث أى خطأ.. مما سيعمل على تجنب أى خطأ فى التصويت.
وأظن أننا إن لم نتحرك سريعًا فستكون الرئاسة للنظام السابق ثم يتم حل مجلس الشعب ويكون المجلس التالى من النظام السابق ولا نملك إلا أن نقول "باى باى.. ثورة" نسأل الله السلامة والتوفيق وعلينا العمل.
• رئيس ائتلاف القوى المستقلة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
شريف
موافق تماما
عدد الردود 0
بواسطة:
القاااااااااااااائد
تحيه كبيره للاستاذ عبد القادر
عدد الردود 0
بواسطة:
متولي سعيد
طب وهم مين اللى قالوا للناس قولوا نعم في الاستفتاء
هؤلاء من أفسدوا الثورة !!
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرى بجد
المقال ممتاز واكثر من رائع...