الحرص على دور العبادة يبدأ من جعلها مكانا للشعائر الدينية، وإبعادها تماما عن العمل السياسى، وليس من المنطقى أن ينبرى نواب اللجنة الدينية فى الهجوم على قرار وزارة الأوقاف بمنع النواب أو غيرهم من الحديث داخل المساجد.
لبيوت الله حرمتها التى يجب أن نحافظ عليها، ولا نجعلها مكانا للشقاق والخلاف بين الناس بسبب أمور السياسة التى تفرق ولا تجمع، ومن البديهى أن أى نائب برلمانى له خلافاته مع معارضيه وخصومه، وله آراؤه التى قد لا تعجب البعض، كما أن وجود النائب فى المسجد يجعل من المكان وسيلة مباشرة للدعاية للأحزاب التى ينتمى إليها النائب، وفى الإجمال لا يمكن أن يتحول المسجد إلى ساحة لتصفية الخلافات السياسية، ومكان للشد والجذب بين فرقاء السياسة.
وفى هذه القضية كان النائب البرلمانى الدكتور عمرو حمزاوى على حق بقوله فى جلسة البرلمان أمس الأول: «هناك شعارات دينية يتم استخدامها، وهى تفرق ولا تجمع، وتمس الوحدة الوطنية ونطالب المرشحين بالتوقف عن هذا السلوك».
لم يكن النائب السلفى زكريا إبراهيم على حق فى طلب الإحاطة الذى تقدم به إلى البرلمان ضد وزارتى الأوقاف والداخلية، كما لم يكن على حق فى تبرير اللجوء إلى المساجد بأن العديد من نواب برلمان الثورة فقراء ولا يملكون سوى منازلهم المكونة عادة من غرفتين، مما يمنع استقبال أهالى الدائرة فيها، وهو الأمر الذى يدفعهم للقائهم فى المساجد.
لحزبى الحرية والعدالة والنور مقار فى مراكز المحافظات، وإذا كان النواب فقراء بالفعل، فليتخذوا من هذه المقار مكانا للقاء أبناء الدائرة، أضف إلى ذلك أنه ليس من الصعب على النواب أن يستأجروا أماكن مستقلة فى دوائرهم، تكون معلومة للجميع وتشمل مواعيد معروفة للقاء الجماهير، كما تكون مكانا ملائما لتبادل وجهات النظر التى قد تتسم بالسخونة والصوت العالى، وهى الطريقة التى لا تتناسب مع جلال وهيبة دور العبادة.
تحويل المسجد والكنيسة إلى أداة للدعاية السياسية، يؤدى إلى انشقاق اجتماعى خطير، لأن القائمين عليها لديهم إمكانية التأثير على الآخرين، وقد يكونوا أصحاب أغراض دنيوية، وميول ترفع وتحط من شأن الآخرين، ولأن دور العبادة تصفى النفوس من شوائب الدنيا، فليس من المنطقى أن نحولها إلى مكان لتأجيج الخلافات باسم السياسة.