همس فى أذنى «جزار»: على فكرة إنت عرفت المسيحيين هينتخبوا مين؟، وقبل أن يسمع إجابتى، واصل: «هينتخبوا أحمد شفيق». فسألته من قال لك ذلك، فرد: «واحد قال لى الكلام ده من اللى هينتخبوا شفيق»، ثم واصل حديثه «هى بالبداهة كده وبعدين دى تعليمات من الكنيسة»، حديث «الجزار» استند على مجرد رأى سمعه من «مسيحى» قرر أن يعطى صوته لشفيق، وبحسبة غير منطقية وخاطئة منه، تعامل على أن هذا الناخب «المسيحى»، ليس حرا فى تكوين رأيه، وإنما هناك من يأمره.
بعد ساعات من هذا الحوار، وصباح أمس تلقيت اتصالا هاتفيا من صديق مسيحى، يشكو فيه من هذه الشائعة التى سمعها من أكثر من طرف، مؤكدا أنه لا توجد أى تعليمات من الكنيسة بشأن هذا الموضوع، وقال إن المسيحيين شأنهم شأن المسلمين فى الانتخابات، فالجميع مصريون، والتصويت سيكون طبقا لقناعة كل ناخب.
فى قراءة الصحف الأجنبية، تحتل هذه القضية حيزا كبيرا، ومع فرضيات لا تخرج عما سمعته من «الجزار» وصديق المسيحى، ودون استناد إلى أى معلومة كاشفة أو أى بيان رسمى من الكنيسة، ستقرأ تقريرا مطولا، ينتهى بك إلى أنهم سيصوتون إلى شفيق وموسى.
الأرجح أن هذا الكلام يأتى فى سباق الشائعات التى تنطلق من حملات المرشحين، وخطره الكبير يأتى من أن المروجين لها يساهمون فى تأجيج الطائفية دون مسؤولية، عبر تقسيم المصريين إلى مسلمين ومسيحيين، وإذا كانت هناك وجهة نظر بأن تصويتهم لن يكون لأى مرشح من قوى الإسلام السياسى، وهم الدكتور محمد مرسى وعبدالمنعم أبوالفتوح والدكتور محمد سليم العوا، فلا يعنى ذلك الاستنتاج وبجرة قلم، أنهم سيصوتون لشفيق وموسى.
سيعطى المسيحيون والمسلمون أصواتهم بوصفهم مصريين، وطبقا لقناعات ديمقراطية تولدت بعد ثورة 25 يناير، وإذا كان من المسيحيين من يشعر بأن هناك بعض الملفات العالقة فى قضية المواطنة، فتلك مسؤولية الجميع، أما أن يتم استثمارها فى ترويج شائعات، تضع «الصوت المسيحى» فى خانة الفلول، فهذا خطأ فادح، فثورة 25 يناير شارك فيها الجميع، مسلمون ومسيحيون.