ساعات تفصلنا عن أول انتخابات رئاسية حقيقية فى مصر، وأول اختبار للشعب الذى خرج فى ثورة 25 يناير، ليختار بنفسه الحاكم والقائد والخادم والراعى لمصالح المجتمع. ساعات وينفرد كل منا بصندوق الاقتراع ليؤشر بقلمه على اسم الرجل الذى يستحق شرف أن يحكم مصر، التى نفضت عنها غبار الاستبداد والفساد.. ويتضح المعنى فى العبارة المتداولة «صوتك أمانة» نعم صوتك وصوتى أمانة، علينا أن نؤديها إلى أهلها حتى يستقيم أمرنا وحتى نغير ما بأنفسنا فيغير الله ما بنا إلى الأفضل الذى نرجوه، الساعات التى تفصلنا عن التصويت مليئة بالشد والجذب والمزايدات الانتخابية بين المرشحين الذين يسابقون الزمن لترك أفضل صورة لهم فى أذهان الناخبين قبل فترة الصمت، من هذه المزايدات ما هو مفهوم ومقبول، ومنها ما هو خطر وغير مسؤول وغير مقبول أيضا، فإن يطعن مرشح فى بيانات منافس له أو أن يصف تصريحاته بعدم الدقة، أو أن يهيل التراب على أسس برنامجه، أمور مفهومة بأن من قبيل الصدام الانتخابى الذى لابد أن يمارسه كل مرشح، إما أن يهدد هذا المرشح أو ذاك العملية الانتخابية أو أن يصادر على إرادة المصريين أو يطعن على النتائج استباقا لأمر فى نفسه، فهذا من قبيل التصرف غير المسؤول وغير المقبول معا.
عبدالمنعم أبوالفتوح ومحمد مرسى كلاهما يعتمد خلال الأيام الأخيرة نغمة تزوير الانتخابات، فالأول يتهم جهاز أمن الدولة المنحل بحشد الأصوات لمنافسيه وشراء البطاقات وتسويدها مقدما، والثانى يتهم عناصر موالية للمجلس العسكرى وللأجهزة الأمنية بالسعى لتزوير الأصوات لإسقاط مرشح الإخوان، فى الوقت الذى تشير فيه متابعة ما يحدث من مخالفات فى تصويت المصريين بالسعودية مثلا إلى أن عناصر إخوانية كانت وراء إبطال 4400 صوت نتيجة لجمعها البطاقات من العاملين هناك والتصويت بدلا من أصحابها، فمن الذى يتكلم عن التزوير إذن ومن الذى يستحق المحاسبة!
أيضا من الخطابات غير المقبولة والتى تعنى المصادرة على إرادة الناخبين، ما أعلنه حمدين صباحى وخالد على من أن الثورة الثانية قادمة إذا فاز شفيق أو موسى، وأن النزول لميدان التحرير عندئذ ضرورة واجبة! ماذا يعنى ذلك؟ يعنى الانقلاب على صندوق الاقتراع الذى نحتكم إليه جميعا، إذا لم يأت بالنتيجة التى أريدها لنفسى، وهو موقف أرجو أن يتراجع عنه صباحى وعلى لصالح هذا البلد، الذى يجب أن يستقر وتبدأ الجمهورية الثانية أيا كان الفائز فى الانتخابات الرئاسية.
لتكن الانتخابات الرئاسية الأشرس والأعنف والأكثر تنافسا بالقانون وفى إطار النظام العام وليقاتل المرشحون على كل صوت لمواطن مصرى، لكن عند إعلان النتيجة باسم الرئيس، على المرشحين الاثنى عشر الباقين أن يصفقوا لنجاحه وأن يقدموا له التهنئة ولنتعاهد جميعا على بدء صفحة جديدة من الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.