أول مرة سمعت عن حمدين صباحى كنت فى العام الدراسى الأول من المرحلة الإعدادية فى زمن التعليم المجانى، أو ماتبقى منه فى نهاية السبعينات، وتحديدا عقب المواجهة الشهيرة له مع الرئيس الراحل أنور السادات. وسائل الإعلام والصحف الحكومية لم تكشف كثيرا عن شخصية طالب الجامعة الجرىء والشجاع الذى وقف يواجه السادات فى لحظة تاريخية عصيبة فى تاريخ مصر بعد الانتفاضة الشعبية فى 18 و19 يناير 1977، والرئيس الراحل فى ذروة غضبه وانفعاله ودهشته من غضب الشعب عليه بعد ارتفاع أسعار بعض السلع الغذائية، وهو صاحب قرار الحرب والعبور فى 6 أكتوبر 73. كل ما عرفته عن حمدين فى ذلك الوقت، وأنا فى مدينتى دسوق، أنه طالب بكلية الإعلام بجامعة القاهرة، وينتمى إلى محافظة كفر الشيخ التى أنتمى إليها أنا أيضا. كان شعورا بالزهو والفخر، تزامن مع حلم ورغبة بدأت تنبت بداخلى للالتحاق بكلية الإعلام نفس كلية حمدين، الطالب الذى وقف يواجه ويناقش الرئيس فى مشهد غير مألوف بالنسبة لنا كأبناء المدن الريفية البعيدة عن القاهرة. بعد 5 سنوات من دفعة حمدين صباحى فى كلية الإعلام، كانت سيرة تفوقه ونضاله واعتقاله مازالت تتردد فى جنبات الكلية، نسمعها من أساتذة الكلية الذين عاصروا جيل السبعينيات فى الحركة الطلابية قبل إلغاء لائحة 76، ازداد شعورى بالإعجاب « ببلدياتى» الذى لا أعرفه ولم أقابله إلا بعد التخرج فى نقابة الصحفيين، وحزب التجمع، ثم فى مركز الإعلام العربى للصحافة والنشر- صاعد- الذى أسسه مع مجموعة من أبناء جيله، صورته وانطباعى الشخصى عنه عند اللقاء لم يتغيرا.. بل تصافحنا وتعانقنا فى اللقاء، وكأن بيننا سنوات من «العشرة والمعرفة السابقة». حميمية اللقاء حسمت أشياء كثيرة بداخلى تجاهه، لم أشعر بغربة التعارف فى اللقاء الأول، وأدركت أنه فعلا «واحد مننا».
بدا حمدين ابن ثورة 23 يوليو بالنسبة لى، مشروعا وطنيا جامعا يختزنه القدر لمصر، لم يتردد ولم يتخاذل يوما عن مشاركة أبناء وطنه من الفقراء والكادحين، العمال والفلاحين والصيادين، همومهم وقضاياهم، مدافعا عن حقوقهم فى الحياة والعيش الكريم، ودفع ثمن ذلك مرات من الاعتقال فى سجون مبارك، مواقفه الوطنية والقومية صنعت منه مناضلا صلبا فى وجه طغيان نظام مبارك. المشروع الآن على وشك التحقق، وحمدين يطرق أبواب المستقبل فى قيادة مصر كأول رئيس منتخب. فهل يتحقق الحلم؟
.. ياااارب