يؤكد المـتأسلمون يومًا بعد يوم هوسَهم المَرضيّ بالمرأة وشئونها، ويُغالون ساعةً إثر ساعة في إصرارهم العجيب على زجّ أنوفهم في أدقّ شئونها، حتى بات الأمرُ مهزلةً تُضحِكُ علينا العالمَ وتُبكي السماء! ولتوضيح ما هو واضح، فإن "المتأسلم" غير "المسلم". المتأسلم هو مَن يزعم أنه أكثر إسلامًا من سواه، وأعمق صِلةً بالله، جلّ وعلا، فيُعطي نفسَه الحقَّ في قمع الناس وإرهابهم بكارت الدين. أما المسلم فهو أنتَ وأنا وسوانا ممن اختار الإسلامَ وسَلِم الناسُ من لسانِه ويده. فالمسلم مشغولٌ بعلاقته بالله، أما المتأسلم فمشغول بعلاقه ‘سواه’ بالله!
لافتة رفعتها قافلةٌ تجوب محافظات مصر تابعة لحزب "الحرية والعدالة" لتبشير بنات مصر بالختان المجاني! ألا يعون ما يصنعون؟! كيف يستغّلون بساطة أمّهات لا يقرأن ولا يكتبن فيوافقن أن يُسلّمن طفلاتهن لمشرط جائر يبتر أجسادهن ويشوّه أرواحهن ويُراكِم العُقد النفسية في ذاكراتهن؟! لماذا لا يترك المتأسلمون أولئك الطفلات يلعبن بدُميهن ويرقبن براءتهن تنمو مع أعمارهن الغضّة دون أن يمزقوا طفولتهن بفكرهم الخَشن الذي لا يرى في الفتاة إلا بئر استمتاع للرجل؟! لماذا ينسحب هوسهم بالمرأة على طفلاتنا فيقضين على مستقبلهن بعملية جرّمتها قوانينُ العالم أجمع، بما في ذلك القانون المصري؟ ألم يسمعوا سقراط يقول: "عندما تُثقِّفُ رجلاً، تكون قد ثقفت فردًا واحدًا، وحين تثقِّفُ امرأة، فإنما تثقفُ عائلة بأكملها."؟
ويحزن المرءُ الحزنَ كلَّه أن تُعلن امرأةٌ، لا بل نائبةٌ إخوانية، لا بل صحفية محاضِرة، لا بل تقدّم نفسها بوصفها داعيةً إسلامية، اسمها عزة الجرف، الشهيرة بأم أيمن، (بكالوريوس خدمة اجتماعية) وأمٌّ لسبعة، من المحزن أن تعلن أن ختان البنات "سترةٌ وعفاف"!! سترة من أي شيء يا سيدتي؟! السَّتر لا يكون إلا لفضيحة، يتستر عليها الناسُ أويسترها اللهُ تعالى. فهل الطفلةُ فضيحة؟ وأما العفاف، فهو سلوكٌ ووعي واختيار وترفّع وكبرياءٌ وحُسن تربية وميثاقٌ غليظ مع الله، فما علاقة كلّ ماسبق بقطعة من جسد الإنسان؟ الفضيلةُ محلُّها العقلُ والدماغ أيتها المبجّلة، فقط الدماغ، وليس مكانًا آخر! ولكنها مدرسة مرشدهم الأول "حسن البنا" الذي يرى المرأة كائنًا لا أهلية له ولا مشاعرَ ولا كرامة! إذ كتب في مجلة "الإخوان المسلمون" عام 1944: "خيرٌ للمرأة أن تستمتع كل زوجة بربع رجل أو ثلثه أو نصفه من أن تستمتع زوجةٌ واحدة برجل كامل، وإلى جانبها واحدة أواثنتان أوثلاث لا يجدن شيئًا." الزواج إذن في فكر الجماعة هو قضية "استمتاع"، وليس شراكةً ولا بناء ولا عُروةً وثقى! ياللفزع!! ولكن هل تعلم النائبة أن الشيخ حسن البنا الذي تتبع منهجه حذوَ الحافر، لو كان حيًّا ما دخلت البرلمان؟! فها هو يقول في المجلة ذاتها عام 1947: "إن منْح المرأة حقَّ الانتخاب ثورةٌ على الإسلام وثورة على الإنسانية!" حقُّ الانتخاب وحسب، ما بالك بالترشّح يا سيادة البرلمانية؟! فإن كنتِ تتّبعين مرشدك الأول تمام الاتباع، كما يليق بإخوانية قحّ تتبع السلف، فعليك أن تتركي البرلمان وتلزمي بيتك، كيلا تكوني ثورةً على الإسلام وفق مقولة المرشد، وأن تتكرمي بتزويج زوجك بثلاثٍ أخريات، لو لم يكن قد فعلها بعد.
على أن حملة د. محمد المرسي الدعائية لم تقتصر على النَيل من البنات، بل شملت البنين كذلك! فإضافةً إلى الطفل الذي دهسه موكبُ السيد المرشح، دون أن يكلف نفسه عناء الوقوف لإسعاف الطفل، رأيتُ في الحي الذي أسكن فيه، مثلما في كل متر من أرض مصر، أطفالاً وطفلات يقفون مرصوصين تحت قيظ الشمس مثل عساكر الأمن المركزي، يحملون بوسترات المرسي! ألم يخبرهم أحدٌ أن هذا يدخل فيما يُسمى بدول العالم المتحضر Child Abuse، أي "الإساءه للطفل"، وهي من جرائم الدرجة الأولى في أمريكا ودول الغرب الكافر، الذي للأسف يحترم الطفولة ويُغلّظ عقوبة المساس بها؟ أيها المتأسلمون، رشحوا أنفسكم ما تشاءون والهثوا وراء الكراسي، فهي كل ما يشغلكم، ولكن اتركوا أطفالنا، فهم غدُ مصرَ.