هل يصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة إعلانًا دستوريّا مكملاً؟ أم يتم الاكتفاء بالإعلان الدستورى الذى أصدره فى 30 مارس لعام 2011 كما هو، انتظاراً لسن دستور جديد للبلاد، حيث ينطلق المطالبون بسن إعلان دستورى مكمل إلى أن صلاحيات رئيس الجمهورية واسعة وفقا لهذا الإعلان، بالإضافة إلى ضرورة التوازن فى الصلاحيات بين رئيس الجمهورية والبرلمان، فى حين رفضت بعض القوى السياسية هذا الأمر، واعترضت على قيام المجلس الأعلى بإصدار هذا الإعلان، لأن هذا يعنى تحكمه فى مسار المرحلة الانتقالية، وهو أمر لا يمكن قبوله فى ضوء انتخاب رئيس جديد للبلاد ليتولى زمام الأمور، ووجود سلطة تشريعية منتخبة.
وهنا نؤكد على شىء أساسى، ألا وهو أننا مازلنا على النحو السالف من عدم سن دستور جديد للبلاد يحدد صلاحيات السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية، وملامح الجمهورية الثانية، فى ظل المرحلة الانتقالية، وهو أمر يمكن أن نطلق عليه ببساطة ما يسمى «توازن الضعف»، أى أننا فى مرحلة لدينا فيها رئيس للجمهورية ليس له صلاحيات كاملة، مثل سلطة حل البرلمان على سبيل المثال، وكذا لدينا مجلس الشعب يمارس سلطة الرقابة والتشريع فقط، ولكن لا يملك فى الوقت ذاته سلطة إقالة الحكومة، وبالتالى فنحن أمام مؤسسات بأنصاف سلطات، أو سلطات غير مكتملة، مما يبرهن أننا مازلنا حتى هذه اللحظة فى ظل المرحلة الانتقالية.
كما لا يفوتنا فى هذا السياق التأكيد على حقيقة أساسية.. أن هناك عددا من القوى السياسية، هى التى أدت إلى إطالة أمد المرحلة الانتقالية على هذا النحو، فقد أصرت على قيادة المرحلة الانتقالية، واختيار مسار الانتخابات أولاً، وتحدّت المعارضين لها ممن رفعوا شعار الدستور أولاً، لرغبتها فى جنى مكاسب الثورة بأقصى سرعة، من خلال تشكيل برلمان يضم أغلبية خاصة بها، وبالتالى تحقق لها الأغلبية البرلمانية، والتحكم فى مقاليد الأمور، ولكن الرياح تأتى بما لا تشتهى السفن على الإطلاق، فقد كان هذا الإصرار سببا فيما آلت إليه الظروف على النحو السالف الذكر، خاصة أنه بعد إجراء الانتخابات البرلمانية أصرت أيضا على احتكار وضع الدستور من خلال تحديد %50 من أعضاء الجمعية التأسيسية لوضع الدستور من أعضاء البرلمان، مما يعنى إقصاء جميع القوى السياسية من المشاركة فى وضع الدستور، وقد أدى هذا إلى دفع بعض الرموز السياسية إلى رفع دعوى أمام محكمة القضاء الإدارى ببطلان تشكيل الجمعية التأسيسية، والتى قضت ببطلان قرار تشكيل الجمعية التأسيسية مما أعاد الجميع إلى مربع الصفر. وأخيراً، فإننا نؤكد أنه مادمنا لم نأخذ منذ البداية بمسار الدستور أولاً، وسرنا على نهج الانتخابات، وتم انتخاب أعضاء البرلمان، وشرعنا فى إجراء المرحلة الأولى من الانتخابات الرئاسية، فهذا يعنى أننا فى ظل المرحلة الانتقالية، وبالتالى لسنا فى حاجة إلى إعلان دستورى مكمل لهذه المرحلة، إنما من الأفضل أن نكمل باقى المرحلة الانتقالية على الإعلان الدستورى الصادر فى 30 مارس لعام 2011، ثم عقب ذلك يتم سن دستور جديد للبلاد، يعبّر عن مطالب وطموحات جميع القوى السياسية والاجتماعية فى البلاد، ويقودنا إلى مرحلة الجمهورية الثانية، وألا يتم فى الوقت ذاته سن الدستور الجديد على عجل، بل يتم سنه من خلال جمعية تأسيسية تعبر عن جميع القوى السياسية فى البلاد، وتتطلع على جميع الدساتير العالمية فى هذا السياق، بما يحقق بشكل أساسى الديمقراطية المنشودة لكل مواطن مصرى بسيط يأمل فى أن تعبر بلادنا هذا النفق المظلم إلى مصاف الدول الديمقراطية.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة