ضربت الإسكندرية عروس البحر المتوسط، وأيقونة التمازج الإنسانى على مر التاريخ ،مثالا رائعا فى الانتصار للثورة ولنفسها كمدينة، ظلمها الكثيرون عندما قالوا إن عروس البحر نموذج الإشعاع الثقافى والتعايش الحضارى بين الأديان ونقطة التواصل والالتقاء للتنوع البشرى من كل الجنسيات الأوروبية والعربية، ارتمت فى أحضان التخلف والجهل والانغلاق واستسلمت لتيارات رجعية، حاولت اختطاف هوية المدينة الشابة المنفتحة على الآخر بقيم التسامح والمحبة والعيش فى سلام، إلى هوية الإقصاء والتطرف والعنف والظلام.
انتصرت الإسكندرية لنفسها ولإنجازها التاريخى كمدينة عالمية وانتفضت لتثبت لتجار الدين والذين حاولوا إجبارها للعودة إلى عصور الإظلام الفكرى والثقافى أنها عصية على الانقياد والاستسلام، فمنحت صوتها للحياه وللحرية والعدالة الاجتماعية، ووجهت لطمة وصدمة قوية لجماعة الإخوان وللسلفيين والذين اتخذوا منها معقلا لهم ولقياداتهم.
قدمت الإسكندرية النموذج الرائع فى انتخابات الرئاسة وانتصرت بقوة للثورة ومرشحها حمدين صباحى، ومنحته أصواتها فى مواجهة فتاوى الجهل والحشد باسم الدين. كما منحته أيضا لمرشح الثورة الآخر الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح. حصل حمدين باكتساح على أكثر من 600 ألف صوت من الإسكندرانية الجدعان الذين آمنوا به كمناضل من أجل الفقراء والمقهورين، وبمشروعه وبرنامجه الذى يدعو للحرية والعدالة الاجتماعية، رغم كل الحشد والفتاوى التى حاولت إرهاب الناس فى عروس البحر المتوسط، وتزييف وعيهم من نوعية فتوى «تأييد مرشح الجماعة لأنه فرض عين، وكل من لم ينتخبه آثم قلبه». اصطفت المدينة خلف حمدين مرشح الثورة والفقراء والغلابة الذين وجدوا فيه ضالتهم، ومشروعا وطنيا لتحقيق أحلامهم وآمالهم فى المستقبل وفى دولة مدنية ديمقراطية أساسها المحبة والعدل والانحياز للفقراء وللطبقة المتوسطة.
مفاجأة الإسكندرانية لن يفيق منها دعاة الجهل والتخلف طويلا، لأنهم لم يدركوا طبيعة المدينة وثقافتها ودورها فى التاريخ الإنسانى العريق، وطبيعة أهلها الطيبين الأصلاء الذين انتصروا للثورة ولأنفسهم.
تستحق الإسكندرية أن يتغنى بها الشعراء بأروع القصائد، ويكتب عنها الأدباء أجمل الروايات، فقد عادت إلى مجدها وتاريخها وثقافتها العريقة ولن تتنازل عنها.
الشعب السكندرى الجميل بشبابه وشيوخه ونسائه وفتياته يستحق أيضا أن نحييه ونرفع له القبعة ونغنى معه: «ورد علينا جدعان يامة إسكندرانية.. من أبوقير للسيالة والمنشية وأقروا الفاتحة لأبوالعباس يا إسكندرية يا أجدع ناس».