مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أنت وأنا كنا سنرتاح كثيرا لو كان الدستور بين أيدينا، وكانت بلادنا قد اتفقت على معايير تداول السلطة قانونيا، وكانت القوى الإسلامية والليبرالية اتفقت على مرجعية الأزهر فى جميع المسائل الخلافية، وكانت مؤسسات المجتمع قد أجمعت على الدستور الجديد، وحصّنت الديمقراطية والحريات بمواد دستورية صريحة، لا تقبل الجدل ولا تحتمل الـتأويل.
لو أننا أجمعنا على الدستور والقانون ومرجعية الأزهر، لانتهى الخوف من قلوبنا على مستقبل الحرية فى مصر، ولتراجعت الخلافات بين القوى التى صنعت هذه الثورة، وكان عنوان المرحلة الانتقالية قد تغير من «الارتباك والخلافات والانقسامات» إلى «الاعتصام بدولة القانون ومدنية المجتمع والسلطة».
الكرة الآن فى ملعب الإخوان، فالجماعة تعرف أن القلوب التى كانت تحلم بالتغيير، لا يمكن أن تتحول فجأة إلى المعسكر الآخر المضاد للثورة، أو تتحالف مع معادلة العودة إلى المربع رقم صفر، لكن الجماعة تعرف أيضا أن هذه القلوب التى حلمت بالتغيير، لا يمكن أن تفرط فى مشروع الدولة المدنية التى يحكمها القانون، وتتحرك وفق مرجعية الوسطية الإسلامية التى يلعب الدور الأساسى فيها مؤسسة الأزهر الشريف.
والجماعة تعلم أيضا أن الأصوات التى ذهبت لمرشحى الثورة، لن تتحول بسهولة إلى مرشح من المعسكر المضاد، لكن أصوات مرشحى الثورة لا تزال تخشى من اللا ضمانات، واللا حرية، واللا تداول للسلطة، واللا قانون، وتلك الأصوات يصيبها الهلع على مصير الدستور، وتعيش فزعاً من غرائز احتكار السلطة.
الكرة الآن فى ملعب الإخوان، فهل تكون الجماعة قادرة على تبديد هذه المخاوف وتقديم الضمانات اللازمة لتتشارك كل قوى التغيير فى المشروع الوطنى الجديد، وبناء الجمهورية الثانية لمصر، أم أن الخوف قد يتحرك فينقل البلاد إلى الوراء مرة أخرى، ويطيح بهذا الحلم الذى عاش فى قلوب الناس أكثر من ثلاثين عاما، وضاعت فى سبيله أرواح طاهرة فى ثمانية عشر يوما فى ميدان التحرير.
هذه لحظة فاصلة، فإما أن يتحرك الجميع نحو مبادرة وطنية شاملة بضمانات دستورية حقيقية، وبمرجعية للأزهر الشريف وحده، وإما أن تنقلب مصر على عقبيها، وتدخل بلادنا فى أزمة قد تكون أطول وأعقد من كل ما مضى.
مصر من وراء القصد.
مشاركة