الآن، وبعد النتائج الكارثية للجولة الأولى من انتخابات الرئاسة لا نفتح محطة تليفزيون أو مطبوعة إلا وتصادف نوعاً من البكاء على لبن الثورة المسكوب، وتجد الدعوة فى إثر الدعوة من الأحزاب والقوى السياسية للاحتشاد وتوحيد الصفوف فى مواجهة الفلول وبقايا نظام مبارك، وتتوالى المؤتمرات الصحفية للحركات والائتلافات التى تقرن اسمها دائماً بثورة 25 يناير تفرض وتشجب وتتوعد وتعلن رفضها لشفيق ونظام مبارك العائد فى ركابه لتعود إلى الظهور مجدداً أمام الكاميرات وإلقاء البيانات التى تستهلها الصحف ثم تذهب إلى النسيان!
أين كانت هذه الأحزاب والقوى السياسية والائتلافات الثورية خلال العام ونصف العام الماضى؟ ماذا فعلت وماذا أنجزت غير الانشغال بالظهور أمام الكاميرات والبحث عن دور دون وجود قواعد تسنده وتشتيت المواطنين الغلابة وتغليب المصالح الشخصية على المصلحة العامة.
لم تسع هذه الأحزاب والقوى السياسية إلى توحيد الصف من أجل بناء تيار سياسى ثورى واحد وواضح، وبحث كل قيادى منهم عن دور الزعيم وقناع الزعيم وعباءة الزعيم، وأخذته العزة بالإثم بأنه الفائز الأوحد والمختار من الجماهير حتى وصلنا إلى النتيجة الكارثية، أن نختار فى جولة الإعادة بين فلول نظام مبارك أو الإخوان!
وبدلاً من الاعتراف بالخطأ والاعتذار للشعب عن تضييع ثورته يعاود مناضلو الفضائيات وسياسيو التوك شو وأحزاب التصريحات الصحفية نشاطهم بعد إطلاق حكم المباراة لصافرة النهاية وكأنهم يريدون انشغالنا بمباراة أخرى غير رسمية بعد انصراف الجمهور! وثائق واستعطافات وشروط تذهب إلى شفيق أو مرسى.. أرجوك كن طيباً من أجلنا، من فضلك لا تأكل تورته الحكم وحدك، وكلا المرشحين يبتسم ويعلن دستة من الوعود البراقة التى تعنى المشاركة والمواطنة والتنوير والبناء والتنمية والحرية والعدالة.. إلى آخر هذه المسميات التى نجدها فى أسماء الأحزاب ولا نجدها فى ممارساتها!
أكتب هذه الكلمات وأنا محبط ومكتئب وغاضب، لكن أكثر ما يثير غيظى وسط مشاهد الكابوس الذى نمر به أنى لا أستطيع التوقف عن جمع عدد الأصوات التى حصل عليها صباحى وأبوالفتوح ومقارنتها بالأصوات التى حصل عليها المرشحون الآخرون.