خالد صلاح

خالد صلاح يكتب.. "كلمة واحدة": من قال «لا».. فى وجه من قالوا «نعم»

الإثنين، 28 مايو 2012 08:04 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

كم هى رائعة لعبة الأرقام فى نتائج الجولة الأولى لانتخابات الرئاسة، فالأرقام هنا كاشفة وجامعة ومانعة وقاطعة للشك باليقين، ومبددة للغرور الرئاسى المحتمل، ولكبرياء السلطة المرتقب، فإن فهمنا دلالات ومعانى أرقام التصويت، فإننا نضمن تحصين مصر ضد الاستبداد، عسكريا كان أو دينيا، فالأرقام تضع الذين قالوا «نعم» فى وجه الذين قالوا «لا» لكل مرشح رئاسى، وتزيح الستار عن مساحات الرفض أكثر مما تؤكد حجم القبول، فالمرشح الذى حاز خمسة ملايين صوت فقط، وضمن مقعده فى جولة الإعادة، ربما عليه أن يتبين الآن أن الذين انتخبوا مرشحا غيره، هم أكثر من عشرين مليونا من المصريين الذين شاركوا فى عمليات الاقتراع بجميع محافظات مصر.

فإذا سلمنا بأن من لهم حق التصويت هم 52 مليونا تقريبا، وإذا سلمنا أيضا بأن الإقبال على الانتخابات الرئاسية لم يتجاوز %50 من أصحاب الحق فى التصويت، فإن المشاركين فى الجولة الأولى لا يتجاوزون 26 مليون مواطن مصرى، ومن ثم فإن الحاصل على 5 ملايين صوت أو أكثر يكون قد فقد 20 مليونا أو أكثر من القاعدة الانتخابية، وبذلك يكون كل مرشح قد حظى بتأييد «خمس» المصريين فقط، فيما «أربعة أخماس» البلد قالت له «لا».

صحيح أن فلسفة الديمقراطية هى الحكم للأغلبية أيا كان عددها، وأيا كان وزنها النسبى، لا جدال حول هذه الحقيقة مطلقا، ولكن الصحيح أيضا أنه فى الحالة المصرية بعد الثورة ما يستدعى التأمل فى الأوزان الحقيقية للتيارات السياسية بين الناس فى الشارع، إذ إن إدراك قيمة الرافضين لتيار أو مرشح محددين، يفرض على الرئيس المقبل، أيا كان، أن يبنى استراتيجيته فى التوافق الوطنى على أسس مختلفة، إذ لا يجوز لأحد «الفريق أحمد شفيق أو الدكتور محمد مرسى» أن يتصور أى منهما أنه يمثل الإجماع الوطنى، أو أن يتلبس أحدهما هذا «المجد السلطوى» الذى يتلو الفوز بحكم مصر فيقول لنفسه «أنا الأغلبية والأغلبية أنا» وينسى أن المجد الحقيقى، كل المجد، هو للذين قالوا «لا»، فى وجه من قالوا «نعم».

الذين قالوا «لا»، هم المشروع الأول للرئيس المقبل، إذ لن تستقر أرض أو تعلو راية لهذا الوطن إذا لم يستطع هذا الرئيس المرتقب أن يجمع الأمة تحت رايته، وأن يدير ظهره لكبرياء الحكم وهذه الأنهار التى تجرى من تحته، وينحنى أمام شروط التوافق مع الجميع، والذين قالوا «لا»، هم المعيار الحقيقى لقبول قرارات هذا الرئيس فى الشارع، فإن حكم بنفسه لنفسه ولكتلته التصويتية أو حزبه أو تياره أو جماعته، أو أوليائه فى الشارع، فإن أربعة أخماس البلد لن تنال قلوبها الرضا، ولن يستقر على الأرض حكم عادل، أما إذا علم أن قلوب هؤلاء الذين قالوا لا لن تقبل طاغية جديدا، ولن تركع لرأى واحد، ولن تبنى وطنا إلا بالتوافق، ولن يرهبها الطغيان الفكرى أو العقائدى أو العسكرى، فوقتها تكون الأرض قد استقرت له باسم الديمقراطية.

الديمقراطية لا تعنى أن يفوز رجل واحد بخمس الأصوات فيحكم البلاد على هواه، لكن الديمقراطية أن يكون ممثل الأغلبية هو نقطة التوازن لجميع القوى، والجسر الأول بين الأفكار والتيارات، وعنوانا للعمل الوطنى المشترك.

إن شاء الفريق شفيق والدكتور مرسى أن يتأملا فى الأرقام قبل جولة الإعادة، فسيكونان قد قطعا الخطوة الأولى فى الطريق الحق، أما إن طغى مجد انتصار الأكثرية، فى أى المعسكرين كانت، فإن أربعة أخماس البلد ستحيا فى معسكر «لا» طوال الفترة الرئاسية.

هذا.. والله أعلم.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة