من يتابع الجدل الدائر اليوم حول كتابة وإصدار الدستور الجديد لمصر يرى أن كثيرين يعتقدون أنها عملية كتابة لنصوص تحتاج إلى الخبراء القانونيين فقط، وهى عملية لا تحتاج إلى وقت كبير، وفى الحقيقة هذا الاعتقاد يتحدث عن عملية أشبه بكتابة نصوص قانونية لا تعكس التغيير الذى حدث فى مصر وهوأنها بصدد عملية تحرير لإرادة الشعب من السيطرة والتحدث باسمه أو تغيبه والنيابة عنه وإصدار وثيقة لا تحمل نبض الجماهير بحق.
إن الشعب المصرى بحاجة إلى عقد اجتماعى جديد، هذا العقد يتطلب أن يشارك الشعب فى النقاش حول بنوده «بند بند»، وتضمين العقد كل الضمانات التى تضمن حقوق هذا الشعب، وتنظم العلاقات بين السلطات.
البعض يرى أن العملية بسيطة وليست أكثر من تجميع نصوص الدساتير السابقة ومناقشتها ونقلها إلى الدستور الجديد، ويميل البعض إلى دستور 1954 على اعتبار أنه لا يزال مناسبا حتى الآن لكى نستدعيه ونحرره وندخل عليه بعض التعديلات البسيطة ويصلح للعهد الحالى، وأعتقد جازما أن من يقول هذا الرأى لم يقرأ فى هذا الدستور إلا الجزء الخاص بالنظام السياسى، والذى يتبنى النظام البرلمانى ومحاولة استعادة هذا الدستور هى فى الحقيقة لهذا الغرض، رغم أن باقى نصوص الدستور المذكور المتعلقة بالحقوق والحريات متخلفة جدا عن دستور 71، فضلا عن المواثيق الدولية لحقوق الإنسان التى تجاوزت فى الضمانات التى قدمتها الدساتير المصرية، فضلا عن الصياغة التى تفوض القانون لتقرير التمتع بهذه الحقوق ووضع الضمانات التى تحميه، وتجربتنا تعرف أن القوانين جاءت لتصادر هذه الحقوق لا لتنظمها وتحميها من الاعتداء.
لذلك غير صحيح أن كتابة الدستور تحتاج إلى شهر، على أساس أن هناك اتفاقا على الأبواب الأولى من الدستور، والخلافات فقط تكون فى الباب الخامس الخاص بنظام الحكم وصلاحيات كل سلطة من السلطات الثلاث، رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة من جانب ومجلس الشعب ومجلس الشورى من جانب آخر، بالإضافة إلى السلطة القضائية التى يوجد لدى البعض مشاريع تشق صف الهيئات القضائية والتى تسمح بمشروع وحدة القضاء، وهو باختصار يهدف إلى دمج الهيئات القضائية فى هيئة واحدة أى ألمحكمة الدستورية والقضاء الإدارى يكونان بمثابة غرف لمحكمة النقض، أى أن لو هذا المشروع وحده طرح للنقاش لأخذ فترة الشهر ولن نصل إلى حل.
كتابة الدستور يجب أن تكون عملية بمعنى أن الجمعية التأسيسية ليست فقط معنية بالكتابة والصياغة، ولكن بتجميع آراء مختلف فئات وطوائف الشعب عبر لجان استماع تلتقى بالقوى المنظمة فى اجتماعات، وتتلقى منهم آراءهم وأفكارهم حول دور السلطات والحقوق المحمية بالدستور، والرقابة على السلطات، وحماية المال العام والنظام الضريبى وحماية الملكية الخاصة والملكية العامة، وحقوق الإنسان بشكل عام وحقوق الفئات الخاصة والنساء والأطفال، والحماية من الانتهاكات، سيادة القانون وحماية الحقوق الشخصية، النظام الاقتصادى والنظام الاجتماعى، القيم المشتركة للمصريين، استقلال السلطة القضائية، قواعد الفصل بين السلطات والتوازن بينها فى ذات الوقت. هذه فرصة تاريخية ليكتب الشعب فعلا دستوره، وأن يشارك بفاعلية كما تم فى الدول التى خرجت من الدكتاتورية أو النظم المستبدة، ولكى يكون الدستور بحق عقدا اجتماعيا يعطى مشروعية للسلطة وضمن حقوق الإنسان، لذلك لن تكون المدة المتبقية على الانتهاء من الانتخابات الرئاسية كافية بأى حال من الأحوال لكتابة الدستور، فلينتخب الرئيس وفقا للصلاحيات المحددة فى الإعلان ولنعط الجمعية التأسيسية وقتها لتصنع دستورا يكتبه الشعب.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
عماد عبد الملك بولس
الدستور الذي نريد
عدد الردود 0
بواسطة:
ashraf
الاستاذ حافظ
عدد الردود 0
بواسطة:
يوسف
عن اي شعب تتحدث
عن شعب نصفه امي والنصف الاخر جاهل
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد عبدربه
وجهة نظر في الدستور
عدد الردود 0
بواسطة:
خالد العباسي
المسكوت عنه في معركة الدستور