كتب الصديق العزيز الأستاذ خالد صلاح مقالا بعنوان "دلالات اختيار السلفيين للدكتور أبو الفتوح"، وذلك يوم الاثنين الماضى، وعندما قرأت المقال وجدته مقالا عقلانيا يفتح آفاقا أخرى فى التفكير والتحليل لأسباب اختيار حزب النور والدعوة السلفية للدكتور أبو الفتوح، إلا أن الأستاذ خالد ختم مقاله بمقولة حول المثقف الليبرالى والسياسى الليبرالى، من حيث إن الأول لو صدقت نواياه فإنه ينير طريقه، أما السياسى الليبرالى يدافع فقط عن مصالحه الحزبية والتنظيمية، ولأنى منتمٍ لهؤلاء السياسيين الليبراليين فإنه قد استفزتنى تلك الخاتمة، والاستفزاز هنا ليس سلبيا المعنى فقط، بل إيجابيا لما يجعلك تفكر وتفكر لكى تصل إلى تصور أكثر وضوحا، ولهذا أكتب هذا المقال لممارسة نقد لهذه المقولة، والتى أتمنى أن تفتح آفاقا أخرى للحوار الجدى الذى يثرى الفكر والحياة السياسية.
يقول أستاذنا الكاتب بالنص ما يلى: "تذكر أن الفرق كبير جدا بين السياسى الليبرالى، وبين الصحفى أو المثقف الليبرالى، فالأول يقول لك ما يخدم مصلحته الحزبية والتنظيمية، والثانى إن صدقت نواياه يقول لك ما يتصور أنه لله ثم للوطن، بصرف النظر عما إذا كان ذلك يخدم مصالحه المباشرة أم لا.."، أعتقد أن الأستاذ خالد يقصد بالمثقف الليبرالى هو الكتاب والمفكرون الذين يؤمنون بالليبرالية كفكرة وتصور وينظرون لها كتابة وكلاما، أما السياسى الليبرالى فهو هؤلاء السياسيون المنتمون إلى أحزاب ترفع لواء الليبرالية، أو منضمون إلى تنظيمات تؤمن بالليبرالية كمنهج اقتصادى وسياسى.
وبشكل مبدئى وانطلاقا من هذين التعريفين دعونى أقل إن كاتبنا العزيز وقع فى خطأين واضحين الأول هو الفصل بين المثقف الليبرالى والسياسى الليبرالى بشكل مطلق وكان السياسى الليبرالى بالضرورة غير مثقف، وبالمثل المثقف الليبرالى لا يمكن أن يكون سياسيا وهو أمر يدحضه الواقع على الأقل، ففى مصر والعالم العديد من المفكرين الليبراليين انضموا إلى أحزاب سياسية، بل وتولوا مناصب سياسية عليا وزراء ومديرين، أضف إلى ذلك أن السياسى الليبرالى "من المفترض" أنه عنده من الثقافة والفكر ما أدخله لحزب ليبرالى وقد لا يكون عنده تلك الثقافة، بمعنى أنه لا يجوز التعميم على كل سياسى ليبرالى أنه غير مثقف أو غير مفكر، فهناك من السياسيين الليبراليين نواب فى البرلمان ووزراء، وفى عين الوقت كتاب مرموقون.
ما أود أن أقوله إننا نريد السياسى أن يكون مثقفا ومفكرا هذا قطعا أفضل من بعض السياسيين الذين لا يفقهون من الثقافة شيئا، والجميل أننا نرى عودة إلى مفهوم السياسى المثقف مثل مالروا، الخطأ الثانى هو اتهام الكاتب إلى السياسيين الليبراليين بأنهم مجموعة من الانتهازيين الباحثين عن مصالح أحزابهم وتنظيماتهم الضيقة، وهذا الاتهام يكشف عن تعميم مخل لأبسط قواعد الفكر السياسى والفلسفى، لأن أى مجموعة بشرية فيها وفيها، فيها الصالح وفيها الطالح، فليس بالضرورة أن يكون السياسى أى سياسى ليبراليا أو إسلاميا انتهازيا، بل هناك سياسيون لا يبغون إلا وجه الله والوطن ساهموا ويساهمون فى نهضة بلادهم، كما أن هناك الانتهازى والأفاق والشعبوى.
أستاذ خالد لا تتهمنا نحن السياسيين الليبراليين بالجهل الثقافى وبالانتهازية، فمنا الجاهل ومنا المثقف، منا الانتهازى ومنا صاحب المبدأ.
عدد الردود 0
بواسطة:
مصر
مقال جيد
التعليق فوق
عدد الردود 0
بواسطة:
سالم
برافو مقال جيد وديمقراطيه فى جريده واحده شئ ممتاز
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب
الليبراليه اذا اقتصرت على الشعار فهى ثقافه اما اذا كانت تمارس كاسلوب عمل فهى سياسه
ايه رايك ياخيرى