رغم الإحباط الشديد الذى أصاب الغالبية من الشعب المصرى بسبب نتائج الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة، ورغم تعدد الأسباب التى أدت إلى هذه النتيجة، ومعظمها منطقية وواقعية، إلا أن الصعود الكبير للمرشح الناصرى حمدين الصباحى وعدد الأصوات التى حصل عليها، والتى جعلته قاب قوسين من الفوز، يعد فى حد ذاته انتصارا وإنجازا كبيرا للثورة المصرية، ودليلا قاطعا على رغبة الشعب المصرى للتغيير والسير للأمام، لقد حصل حمدين على ما يقرب من خمسة ملايين صوت، بفارق ليس كبيرا مع الفائزين ممثل الإخوان محمد مرسى، ورمز نظام مبارك أحمد شفيق، إلا أن كلا من مرسى وشفيق ورائهما مؤسسات وجهات وأموال ضخمة لا يتسع المجال لذكرها هنا، بينما حمدين الصباحى ليس أكثر من فرد وفكر وتوجه سياسى وطنى متميز، وهو من أفقر المرشحين ماديا، إن لم يكن أفقرهم جميعا، وأنا أعرفه جيدا كصديق وأعرف تاريخه النضالى المشرف منذ أكثر من ثلاثين عاما مضت، ويمكن القول أن من صوتوا لحمدين ليسوا جماعات بل أفراد، كل فرد منهم مستقل بذاته، وصوته نابع من عقله وقناعاته الشخصية والفكرية، كما أن نوعية الناخبين لحمدين متميزة للغاية عن غيره، فقد لاحظنا تأييدا حاشدا له من المثقفين من الكتاب والشعراء والفنانين وثوار التحرير الأصليين، وطلبة الجامعات والشباب من مختلف الاتجاهات، وشاهدناهم يسيرون معه فى حملته الانتخابية المتواضعة الإمكانيات، وهذه النوعية من الشعب المصرى تمثل فى الواقع ضمير الأمة وعقلها الواعى المستنير، وإذا كانت جماعة الإخوان بأموالها الضخمة رصدوا وأنفقوا الملايين فى حملة مرشحهم مرسى، واستغلوا الفقر والحاجة والعاطفة الدينية لدى جموع الشعب المصرى، بينما حملة أحمد شفيق رصد لها الملايين من الدولارات من جهات خارجية وداخلية، فإن الدعم المادى المتواضع للغاية لحملة حمدين جاء من مساهمات الأفراد المؤيدين له من خمسة جنيهات فما أكثر بقليل.
وبالمقارنة بحملات المرشحين الآخرين فإن هناك عاملا هاما فى حملة حمدين، وهو أنه لم يخف هويته السياسية كناصرى، ولم يهادن أو يتنازل عن مبادئ وأفكار هذه الهوية، بل دافع عنها وتحدث بها كبنية أساسية فى برنامجه الانتخابى، ولم ينافق أمريكا ولا إسرائيل مثل باقى المرشحين الآخرين، ولم يخش الحملة الهجومية المسعورة على عبد الناصر على مدى أربعة عقود مضت، ولم ينافق، مثل غيره، تيار الإسلام السياسى وجماعة الإخوان التى تعتبر عبد الناصر، حيا أو ميتا، عدوا لدودا لها، لقد تمسك بمبادئه وفضل الصدق والصراحة والابتعاد عن الانتهازية والنفاق واللعب بمشاعر الناس.
لقد حاز حمدين "الناصرى" فى الانتخابات ثقة وتأييد ثوار ميدان التحرير الذين ولدوا بعد رحيل عبد الناصر بعشر سنوات أو أكثر، وهذا فى حد ذاته يعطى دلالة على امتداد الفكر الناصرى، وحضور عبد الناصر فى عقل ووجدان الأجيال، رغم الحرب الشرسة التى يشنها عليه أعداؤه منذ رحيله حتى الآن، وأتوقع أن تزداد هذه الحرب شراسة فى وسائل الإعلام المختلفة بعد الإنجاز الكبير الذى حققه حمدين، فمازال عبد الناصر، الغائب الحاضر دائما، يشكل بفكره ومبادئه خطرا وتهديدا على أعداء الأمة.
إنجاز حمدين الكبير يعطى مؤشرا هاما، ليس فقط لانتخابات الرئاسة القادمة، ولكن أيضا لكسر الثنائى التقليدى "النظام الحاكم والإسلام السياسى" الذى يحتكر الساحة السياسية فى مصر أكثر من ثلاثة عقود مضت.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
سامي حسانين
الشباب لو شافوا ايام عبد الناصر لغيروا رأيهم
عدد الردود 0
بواسطة:
nadia
عبد الناصر وحمدين
عدد الردود 0
بواسطة:
النوبى
سقوط متوالى لمشروع الدول القوميه
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرى
وتتساقط الأقنعة
عدد الردود 0
بواسطة:
سيد محمود الشاهد
الناصرى
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود
حمدين افضل من مرسى ومن شفيق
عدد الردود 0
بواسطة:
Sami
الفرق مش كبير
عدد الردود 0
بواسطة:
أحمد
ناصري رأسمالي!
عدد الردود 0
بواسطة:
shedid mohamed
milano italia
عدد الردود 0
بواسطة:
احمداليمانى
باعتراف الجميع حمدين اول من دعا لمليونية اسقاط مبارك 2005