فى عام 2000 وبالتحديد فى أول شهر يناير، نشرت فى مجلة الغد العربى مقالاً بعنوان "الأحلام"، واسمحوا لى أن أعود له ليس من باب حكمة تقول إن الخواجة خرستو لما يفلس يدور فى دفاتره القديمة، ولكن بمنطق أن من فات قديمه تاه، وفى عام 2000 كانت لدى كمواطنة مصرية أحلام سطرتها ولى الحق كما لكم أن نعود لنفتش كم من أحلامنا وآمالنا تحقق، وكم منها مات فى زحام الحياة.
الأحلام: فى الزمن الصعب حين يقسو الواقع علينا وتحاصرنا الهموم، فلا تترك لنا ثغرة بسيطة لمرور الحلم، تصبح الأحلام هى الفرصة الوحيدة المتاحة للتوازن والحياة، أما أن تفر الأحلام فهذا هو الموت بعينه، ولأنى مازلت أشعر بدبيب خافت للحياة بداخلى، فكما آخرون لم تخاصمنى الأحلام بعد، ولا يزال عندى منها البعض.
أحلم أن تعود القدس على يد صلاح الدين الذى لم يأت بعد.. أحلم أن أرى جيشاً عربياً موحداً.. ومقعداً دائماً فى مجلس الأمن.. أحلم أن أسافر من طنجة إلى صنعاء بدون جواز سفر.. أحلم بأن أجد فى بطاقات انتخاب الرؤساء العرب خمسة أو ستة أسماء أو حتى ثلاث، ليختار منها الناس رئيسهم وأنا بينهم.. أحلم أن أكتب ما أشعر به وأراه من بلاء مثلى مثل ملايين، وأجد من يهتم ويرد علينا بداية من الوزير للغفير.. أحلم أن أسير فى شوارع تكسوها الخضرة، وألا أسمع صوت نفير سيارة.. أحلم أن أرى شرطى المرور يبتسم.. أحلم ألا أرى طفلاً يتسول فى الشارع أو ينام على الرصيف.. أحلم ألا أخاف على ابنتى حتى وهى ابنة السبع سنوات من الإغتصاب.. أحلم وأنا أسير فى شوارع المحروسة ألا يتخطانى الناس ويدوسوا على قدمى وإن فعلوا أن يعتذروا.. أحلم بألا يموت الناس فى أو تحت عجلات القطار لأن لا طريق لهم.. أحلم أن أجد جاراً يهنئنى بالعيد حتى لو كنا مختلفين ديناً ودنيا.. أحلم أن تكون مدرسة ابنى عونا لى فى تربيته وليس العكس، وأحلم أن يكون أستاذه مثله الأعلى وليس العكس.. أحلم أن أفتح التلفزيون فلا يصيبنى الاكتئاب من سماع نشرة الأخبار.. أحلم أن تبقى عندى القدرة على الحلم فى زمن عز فيه الحلم حتى إننى تعبت حتى أفكر فيما أتمنى وأحلم.
انتهى مقال أحلام عام 2000، وها أنا أعود إليه ولا شىء منه قد تحقق، فالخوف الآن أكبر وتشرذم العرب أكثر، وحلم من طنجة لصنعاء صار مستحيلاً، ووجود شرطى مرور فى الأساس ضاحكاً أو عابسا صار وهماً، والناس فى مصر صارت تموت لأسباب أقل كثيراً من عجلات قطار أو سيارة، الناس فى مصر الآن تموت بخرطوش أو سيف دون قضية أو ذنب. وحلم شوارع مكسوة خضرة تحقق بشوارع مكسوة زبالة، وأمنيات أن أجد وزيراً أو غفيراً يرد على مظالم الناس صارت أضغاث أحلام، لأننا صرنا فى بلد بلا وزير أو غفير.
لا شىء من أحلام عام 2000 تحقق، إلا حلم أن أجد أكثر من مرشح للرئاسة لأختار فيما بينهم حلمت بخمس أو ست مرشحين أو حتى ثلاث، ومن الغريب أن هذه الأمنية بالتحديد حين حلمت بها بدت الأبعد أو الأكثر إستحالة للتحقق، ولكن لله فى خلقه شئون، فإذ بالله يمنحنا ثلاثة عشر مرشحا للرئاسة، وكنت أتمنى ولو ثلاثة، وها أنا من فرط تحقق الحلم أوجه وجهى للسماء مثلما فعل عبد السلام النابلسى فى فيلم "شارع الحب" وأدعو "ما تبسطهاش كده أوى يا رب".
وهكذا تعلمت كيف أقتصد فى الأحلام والأمنيات لحسن ربنا يبسطها أوى، فماذا عنك هل بسطها الله معك كثيراً أم غير ذلك؟!
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
عادل صدقى
ايه اللى حصل لك يابلد
عدد الردود 0
بواسطة:
عبده
احنا اللى عاوزين نتبهدل
عدد الردود 0
بواسطة:
هشام - المانيا
الواقع قد يبداء بحلم
عدد الردود 0
بواسطة:
khair
إن الحمد لله
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب
شوفى يا حنان اذا ظهر فى حلمك مرشح واحد بدقن - ده يبقى كابوس ولابد من صرفه
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود
موضوع العنوان
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
هو فين البسط دا حتي احنا اصبحنا ..............عبد المقفول.........
عدد الردود 0
بواسطة:
عبادة
نضوب الفكر
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
الي رقم 8 لا يجب الهجوم هكذا علي مواطن ابدي رايه....
عدد الردود 0
بواسطة:
عبد الحكيم
انا مع تعليق رقم 6