«هل تعرفين يا أستاذة، أنا حزينة جدا، فصداقتى التى دامت 15 عامًا مع صديقتى الوحيدة انتهت اليوم، والسبب أنها مسلمة وأنا مسيحية! أشعر أننى غصنٌ قُطع من شجرته! لم أخطئ فى حقها أبدًا. كانت تسمينى صوت ضميرها. وتبدلت الأمور سريعًا، وانتهت الصداقة الجميلة التى كانت مضربَ المثل».
«القصة بدأت عندما التقينا بكلية الحقوق جامعة عين شمس فوجدتُ ضالتى، هى الصديقة التى كنت أتمناها. تعرفنا سريعًا وأصبحنا صديقتين منذ اللحظة الأولى. كنا نقول الداخل بيننا خارج. وكنتُ المسيحية الوحيدة فى الجروب، إذ لم أرغب فى الالتصاق بالجروب الأرثوذوكسى أو الجروب الإنجيلى خوفًا من الانعزال عن بقية الزملاء، فأنا متفتحة وأحب الناس جميعًا.
انتهت أيام الجامعة بحلوها ومرها وصداقتنا تزداد قوةً وأصالة. وقفت بجوارى كثيرًا، وساعدتها كثيرًا. هى تزوجت وسافرت، وتزوجت أنا فى القاهرة. وكان بيننا تليفون يومى ورسائل حب كأننا عشاق. ثم عادت. وكانت حياتى وقتها مع زوجى هادئة لا يعكر صفوها إلا قلة الدخل، فكنا نعمل ليل نهار. ولم تهون علىّ صعوبات الحياة إلا ابنتى ساندى وصديقتى..
وسارت بنا سفينة الحياة بأفراحها القليلة من نجاح أولادنا أو مصيف مشترك أو ما شابه. والتعاسة نتحملها بصبر محاولين أن نخفف عن بعضنا البعض. وبعد الثورة، ومع ظهور التيارات الدينية، بدأتُ أشعر ببعض التغيير فى سلوكها معى. سألتُها فأنكرت. اقترحتُ عليها أن نجرب هذا الذى يُسمى «فيس بوك». وقد حدث. وكنتُ أقرأ على صفحتها كلامًا منقولا من صفحات أخرى عن الجحيم وعذاب القبر. وبدأت تنسحب منى ومن حياتى. تمسكتُ بها واستحلفتها كثيرًا، وهى تنكر. أطلب منها أن نخرج سويا مثلما كنا نفعل حتى عهد قريب، فترفض وتتحجج بأعذار واهية. وجاءت النهاية عندما نشرت حديثًا عن النبى «ص»، أن النصارى جميعًا سيدخلون النار، وسألتها. فى البدايه تهربت بأنه حديث ضعيف وبعدها ثارت وقالت لى إننى سأدخل النار وإنها لا تريدنى صديقةً لها لأننى كافرة من وجهة نظرها ونظر من لعبوا فى عقلها. هو ذاته عقلها الذى لم يرفضنى من قبل. وصارت تنادينى بـ: مدام رانيا! ثم انتهى كل شىء. أنا خسرت كل شىء فى حياتى، خسرت الحبيبة والصديقة الوفية وما بقى إلا أن ألعن الثورة لأنها السبب فى خسارتى الفادحة التى تكوى قلبى. شكرًا لسعة صدرك ولك التحية والاحترم». وصلتنى هذه الرسالة التى تقطرُ حيرةً وسؤالاً، بقدر ما تقطر مرارةً من رانيا، البنت المصرية الجميلة التى لم تستسلم لفقدان صداقة عمرها. وأعلم أن الأمر متبادل.
فصديقتها الجميلة المسلمة أيضًا لن تقبل. كلتاهما نبتةٌ مصرية طيبة، لكن إحدى النبتتين تحاول أيادٍ سوداءُ الآن أن تزرعها فى أرض غير صالحة. أرض «البغضة». كنتُ حتى الأمس أؤمن أن الثورة، وإن أخفقت فى تحقيق أهدافها إلى الآن، إلا أنها نجحت بامتياز فى أن تُقرِّبَ بيننا كمصريين، لأنها وحّدتنا حول هدف واحد اسمه: مصر، وعلى طريق واحد اسمه: الحرية، وتحت مظلّة واحدة اسمها: العدالة والجمال. لكن هذه الرسالة الكابية، من أسف، وضعت فوق عينى منظارًا جديدًا، أرجو أن أطرحه سريعًا. منظاراً رمادياً يميل للسواد! هل يمكن لهذه الثورة العظيمة أن تُفرِّق بيننا؟ لكن مهلا! الثورة لم تصنع هذا، لكنهم أعداء الثورة وأعداء مصر، وأعداءُ الحياة.
أقول لهم ما قلته فى تصدير ديوانى الأخير «صانع الفرح»: يا أشرار العالم، كونوا كالزهور صانعى فرح، ولا تكونوا سارقى فرح. «ما أحوجنا الآن للمّ الشمل والوحدة والتضامّ. وأما الصديقة الطيبة فأقول لها: الإنسان يفنى عمرَه لكى يصنع صداقةً رائعة مثل التى تُهدرينها الآن وأنت تظنين أنك تُحسنين صنعًا. اللهُ يحبُّنا بقدر ما ننجح فى محبة بعضنا بعضًا. أيتها العزيزة، لقد هاتفتك مرارًا لأتحدث إليك! وهاتفك مقفول طوال الوقت! أرجو ألا يكون قلبك كذلك.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرى
الله محبة
عدد الردود 0
بواسطة:
dr.salem
اعتقد هذه الرساله من صنع خيالك المريض والمشوه
عدد الردود 0
بواسطة:
wagdy amgad
دكتورة والله
عدد الردود 0
بواسطة:
م.محمد
وما ذنب الثوره
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد يحيى ابو الخير
لا تدفنوا رؤوسكم
عدد الردود 0
بواسطة:
م/جمال السيد
لماذا الاستمرار
عدد الردود 0
بواسطة:
عصام الدين مكى
واتقوا الله
عدد الردود 0
بواسطة:
ســعيد متولـى
لرقـم 2 ربمـا تكون القصـة ليسـت من خيال الكاتبة
عدد الردود 0
بواسطة:
ماجد محمد
توضيح
عدد الردود 0
بواسطة:
جمال
لاذم نعلم اولادنا من الصغر ان المسيحيين والمسلميين مصريين