علينا أن نتساءل أولاً عن مغزى الهجوم الضارى الذى شنه الشيخ يوسف القرضاوى القيادى الإخوانى، ورئيس الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين على المعارضين والمنتقدين لجماعة الإخوان، وفى هذا التوقيت بالذات.
هل أراد الشيخ القرضاوى رفع الروح المعنوية للجماعة فى مواجهة الحملة الشرسة التى تواجهها، منذ اقتحامها العمل السياسى الرسمى، وانكشاف الإخوان أمام الرأى العام بالأداء السياسى الضعيف؟ وهل وصف معارضى الإخوان بأنهم مثل قوم لوط والقردة والببغاوات، يليق بشيخ.. المفترض أنه يترأس اتحادا عالميا للمسلمين، وليس التنظيم العالمى للإخوان. فالاعتقاد السائد عن الشيخ القرضاوى أنه ينتمى لمدرسة الوسطية الإسلامية التى تحترم الرأى والرأى الآخر، ولا تصادر على آرائهم واختلافاتهم وانتقاداتهم لجماعة سياسية وليست دينية.
إلا إذا كان الدكتور القرضاوى مازال يرى فى جماعة الإخوان المسلمين بعد تحولها لجماعة تمارس العمل السياسى العام، وتسعى للسلطة، بأنها لا يأتيها الباطل، ولا ينبغى انتقادها، لأنها لا تنطق عن الهوى، لأنها جماعة منزلة، يجب التعامل معها على أنها الوكيل الحصرى للإسلام فى الأرض، ولا يصح معارضتها والهجوم عليها إلا من «قوم لوط»، و«القردة والببغاوات» الذين مصيرهم جهنم وبئس المصير.
واقع الأمر أن تصريحات الشيخ القرضاوى كانت صادمة ومتشددة وغريبة أيضا على رجل يرأس اتحادا عالميا للمسلمين، المفترض أن رسالته الأولى الدفاع عن الإسلام، وتقديم صورة وسطية وحضارية له فى دول العالم.
وربما لا تصب هذه التصريحات فى صالح الإخوان، بل قد تضر كثيرا بهم فى تلك المرحلة، وتزيد المخاوف والشكوك فى النوايا والمواقف السياسية من قضية الديمقراطية، والموقف من الحياة الحزبية، والمعارضة السياسية فى حالة الاستحواذ على السلطة فى مصر، وهو ما تسعى إليه الآن الجماعة وحزبها.
الدكتور القرضاوى عليه أن يراجع تصريحاته، فهو يدرى أن هناك فارقا شاسعا بين الإسلام وبين الجماعة، أو بين أى تيار إسلامى آخر، ومحاولة تبرير فشل الإخوان فى السياسة، لن ينفع معه وصف المعارضين بأنهم قوم لوط - والعياذ بالله - والخلط بين الجماعة والإسلام يضر بالإسلام ذاته، الذى يعتبر الشيخ القرضاوى أحد الوجوه البارزة المدافعة عن وسطية وسماحة وحضارية الإسلام، فمن ينتقد الإخوان يا شيخنا الجليل ليس بالضرورة ينتقد الإسلام، فالإسلام أكبر وأعظم من فصيل أو جماعة سياسية بمسوح إسلامية.