بين نفى النائب السلفى لشمال القليوبية عن حزب الأصالة على ونيس، لحادث ضبطه متلبسا فى سلوك مشين مع فتاة، قال إنها خطيبته ثم قال إنها ابنة شقيقته، وبين شهادة الشهود على الواقعة، قد ينتهى الأمر «قانونيا» إلى لا شىء، لكنها ستعطى سخونة للجدل حول السلفيين والسياسة، ومن واقع انتمائى وتواجدى فى الدائرة التى يمثلها «ونيس»، لم ينقطع هذا الجدل حول دور هذا الرجل تحديدا لأنه نجح باكتساح فى الانتخابات البرلمانية رغم آرائه السلبية فى الديمقراطية، وموقفه السلبى من ثورة 25 يناير مع بدء تفجرها عام 2011، وقوله القطعى: «لا يجوز نقد الإسلاميين لأنهم الإسلام ذاته»، واستخدام أنصاره لسلاح الدين أثناء فترة الدعاية الانتخابية له، وبالرغم من قدر الطيبة والنوايا الحسنة التى عليها هؤلاء الأنصار، فإن فكرة النقد السياسى لـ«الشيخ» لم تكن مقبولة أبدا عندهم، وذلك بحصانة منابر المساجد التى يصعد إليها.
القصة كلها تنقلنا إلى الجملة اللافتة التى تقول: «السلفيون أيضا يدخلون النار»، وهى عنوان كتاب لم أقرأه بعد للكاتب الصحفى وليد طوغان، الجملة اللافتة تنقلك إلى قضية مهمة، وهى أن كل المسلمين لا ينفعهم أمام الله سبحانه وتعالى غير عملهم الصالح فى الدنيا، وأن مظهر المسلم سواء بلحيته أو بجلبابه قد يعطيه وقارا ظاهريا فى الدنيا، لكنه قد لا يعطيه أبدا جواز مرور إلى جنة الآخرة، فكم من مسلم يرتدى أفخر الثياب، ويستمتع بملذات الدنيا الحلال، لكنه يقدم المنفعة لدينه أكثر من إمام مسجد لا يهدأ من الكلام على المنبر أو فى صحن المسجد، وربما تجده سيئا فى معاملاته الاجتماعية والإنسانية، وقد تجده مثل آخرين لا يقولون كلمة الحق ويأكلون الميراث، ولا يصلون الرحم، أى أنهم مثل الآخرين، بشر يخطئون ويصيبون، ورب العباد وحده أعلم بما فى القلوب والنوايا.
الصورة المسبقة لرجل الدين لدى عموم المصريين، ترفعه إلى مرتبة أعلى فى السلوك البشرى، وقد يكون أهلا لهذه الصورة أو لا يكون، لكنه حين ينزل إلى حقل السياسة، عليه أن يعرف أن صورته تخضع إلى مؤثرات أخرى، فالأضواء المسلطة عليه تتسع، والخصوم يزدادون، و«ونيس» سواء كان بريئا أو مدانا، هو نموذج تطبيقى فى ذلك.