ما الذى نتوقعه من المحكمة الدستورية غدا؟ هل يعيدنا قرار المحكمة الى المربع صفر مرة أخرى فى حالة صدور حكم بدستورية قانون مباشرة الحقوق السياسية المعروف بقانون العزل وتطبيقه على الفريق أحمد شفيق، وفى حالة أيضا الحكم ببطلان انتخابات مجلس الشعب على المقاعد الفردية؟
التوقعات والاجتهادات متعددة حول حكم المحكمة الدستورية غدا التى تقع تحت ضغوط كثيرة لأول مرة فى تاريخها لإصدار حكم يتعلق بمستقبل العملية السياسية فى مصر فى مرحلة صعبة، وتحت هذه الضغوط اضطرت المحكمة لأول مرة فى تاريخها لتحديد جلسة عاجلة للنظر فى قضيتين مصيريتين، فالقضاء المصرى يدفع ثمنا فادحا لأخطاء المرحلة الانتقالية التى نعيشها منذ تنحى الرئيس السابق، ولا يمارس مهامه المقدسة فى ظروف طبيعية وفقا لما استقرت عليه القوانين والنظم واللوائح القضائية.
القضاء المصرى فى رأيى ضحية المرحلة الانتقالية الملتبسة والتى يتداخل فيها الشأن السياسى بالشأن القضائى وعقد محاكمات وصدور أحكام تثار حولها شكوك بالوقوع تحت ضغوط سياسية مباشرة أو غير مباشرة أو تحت ضغوط الرأى العام، وتعرض القضاء لمحاولة المساس بهيبته والتشكيك فى أحكامه والتدخل فى شؤونه كسلطة مستقلة فى الدولة من جانب السلطة التشريعية. القضاء يمارس دوره فى إقرار العدل والحق فى ظروف استثنائية بالغة السوء ويدفع ثمنا قاسيا لحالة الغموض والارتباك السياسى فى مصر.
المحكمة الدستورية العليا فى مصر وهى هيئة قضائية مستقلة عن السلطة التشريعة والسلطة التنفيذية والتى مهمتها مراقبة تطابق القوانين مع مواد الدستور وإلغاء القوانين التى تخالف نصوص ومواد الدستور المصرى، تجد نفسها الآن فى مأزق ووضع لا تحسد عليه، فقوات الأمن تحيط مبنى المحكمة، والاحتجاجات والاعتصامات المطالبة بتطبيق قانون العزل مستمرة، وهناك دعوة بالتظاهر والاعتصام أمام مقرها على كورنيش النيل بالقاهرة، والمطلوب وسط هذه الظروف أن يصدر قضاتها حكما يرضى جميع الأطراف ويتوافق مع ما يطالب به الرأى العام، بغض النظر عن أصول وقواعد وطبيعة عمل القضاء.
فماذا يكون رد الفعل إذا جاءت أحكام المحكمة الدستورية بما لا يرغبه الرأى العام، هل سيتم قبولها من منطلق احترام الأحكام، أم سيتم التشكيك فيها والدخول فى دائرة الجحيم التى تأكل نيرانها كل مؤسسات الدولة وتهدم كيانها؟!