د. محمد محسوب

الانتخابات والعزل والبرلمان.. النظام العائد

السبت، 16 يونيو 2012 06:03 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لم تلغ الدستورية العليا ما اصطلح على تسميته إعلاميا بقانون العزل، لأنه لا يجوز للشعوب أن تعزل السياسيين فى النظام السابق من المشاركة فى بناء نظام جديد، وإنما لأن القانون لم يكن شاملا وعاما، فاقتصر على وظائف بعينها لفترة بعينها. وهو إقرار واضح بحقنا، من حيث المبدأ، فى عمل قانون عزل.

غير أن جوهر المشكلة يكمن فى أن التشريعات التى تتضمن عزلا سياسيا للنظام السابق عن العمل السياسى، تبررها الثورات التى تسقط أنظمة وتبنى أنظمة أخرى، وهو ما قررته المادة 4 من العهد الدولى لحقوق الإنسان.

غير أن الوضع لدينا ليس بهذه السهولة، فالثورة التى قامت لم تؤمن بها الجهة المنوط بها إدارة المرحلة الانتقالية، وهى كانت صادقة مع نفسها، وأثبتت ذلك فى أول وثيقة تصدر عنها، وهى الإعلان الدستورى الصادر فى 13 فبراير 2011 والذى عطل دستور 71، فقرر المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى ديباجته، أنه يتضامن مع المطالب المشروعة للشعب بشأن تعديل الدستور والتى عبر عنها الشعب «فى خلال الأيام الماضية»، متجنبا استعمال تعبير «ثورة».

وأكد بسلوكياته أنه لم يؤمن بهذه الثورة، بل ولم يحتفل بها رغم وعده باحتفالات متنوعة، ولم يستجب لأى من طلباتها الجوهرية، بل أدار المرحلة بين شد وجذب وتقديم وتأخير، بما يؤدى فى النهاية لتعبيد الطريق لعودة النظام السابق، بعد استبعاد شبح التوريث، هو ما سخر منه الشعب المصرى بنكات أشارت لإمكانية حدوث التوريث لنفس الوريث المحتمل بطريقة كوميدية.

ولسنا من السذاجة لنصدق ما يسوقه المجلس العسكرى من أن المطبات التى حصلت، والتى أدت لحل البرلمان وتنظيم انتخابات الرئاسة بطريقة تعيد النظام السابق منفردا متغطرسا مختالا، إنما جاءت نتيجة لاختلاف القوى السياسية، وإصرار كل منها على الحصول على جزء أكبر من الكعكة، فنحن نوافق على أن الطمع والجشع وسوء الأداء، ميّز كل القوى السياسية إسلامييها وليبرالييها، لكن المتحكم فى إدارة المرحلة كان هو المجلس العسكرى، وهو كان يفرض أوضاعا تخالف ما يذهب إليه الفريقان، حتى إنه فى الخلاف الأشهر بين المصوتين بنعم، والمصوتين بلا على التعديلات الدستورية، اختلق طريقا ثالثا هو نعم للتعديلات الدستورية، ولا لعودة دستور 71، ونعم لعمل إعلان دستورى مشوه، استعمله لهدر الوقت، وهدم كل مؤسسة لا تقع مباشرة تحت إدارته.

وأخيرا فإن المجلس الأعلى للقوات المسلحة توّج أداءه المخطط، رغم أنه بدا لنا فى بعض المراحل مرتبكا، بإنهاء المشهد كله سوى مشهد انتخابات الرياسة، والتى يسيطر عليها بآليات قانونية وواقعية، فلا قدرة لأحد على الطعن على قرار العليا للانتخابات، ولا قدرة لأحد على التحقق من صحة قاعدة بيانات الناخبين، ولا قدرة لأحد أن يشكك فى الصناديق، وكله لديهم بالقانون، فإذا جاء القانون من طرف آخر، ضربته المحكمة الدستورية العليا بحكم يعدم دستوريته، أما إذا جاء من أطراف أخرى فهو قانون واضح مستقيم يجب احترامه والنزول على مقتضاه.

لا أعتقد أن كثيرين هم من يختلفون على إدراك المشهد وعلى مظاهر الاستعدادات للحرب التى يتخذها النظام العائد لمواجهة أحداث يونيو ويوليو 2012 إذا حدثت، مواجهة يريد لها أن تتم بطريقة أفضل من مواجهة أحداث يناير 2011، وليس أقل تلك المظاهر، ما صدر عن وزير العدل بالتشاور مع وزير الدفاع يوم الأربعاء الماضى، وقبل أحكام الدستورية بيوم واحد، بتوسيع اختصاصات الشرطة العسكرية والمخابرات العسكرية لتشمل المدنيين، بزعم أنه إنما يضفى عليها صفة الضبطية القضائية، رغم أن الضبطية القضائية مقررة لها بقانون الأحكام العسكرية، لكنه تدخل بما يخالف القانون، بتوسعة هذه السلطة الناشئة عن صفة الضبطية القضائية لتشمل المدنيين، رغم وضوح نص المادة 23 من قانون الإجراءات، فى أن الوزير يمكنه منح صفة الضبطية القضائية لا التعديل فى اختصاصات الموظفين، ونطاق عملهم، لكن القانون لديهم له شكل آخر وطعم مختلف وتفسير متميز.

نحن فى مجال تلاعب بالقانون وتلاعب بالدستور لا يختلف كثيرا عما كان يفعله النظام السابق العائد سوى أنه أشد قسوة وأكثر وضوحا وبجاحة.

بالطبع عدنا إلى المربع الأول، وأقصد المربع السابق على سقوط النظام العائد، فنحن بلا برلمان وبلا دستورية وبلا ضمانات وبلا مجلس رئاسى وبلا دستور، وهو ما يمكن لأى منصف أن يرى أثره فى وجوه الناس، وعيون الشباب المحبطين، الذين فُقئت عيونهم، واستشهد أخوانهم دون أن يجدوا نتيجة أو مردودا يمكن أن يشعرهم بأن دماء زملائهم وجروحهم وعيونهم وعرقهم لم يذهب هباء.

نحن بكل بساطة، بعد عام ونصف من ثورة لا يؤمن بها البعض، نقف عرايا وظهورنا للحائط.









مشاركة

التعليقات 10

عدد الردود 0

بواسطة:

عبدة

ماتيجى نقول الحق

عدد الردود 0

بواسطة:

أحمد

قبر يلم العفش

عدد الردود 0

بواسطة:

magdi almedani

يادكتور متتعبش نفسك

عدد الردود 0

بواسطة:

منياوى

الله عليك

عدد الردود 0

بواسطة:

الضوء الشارد

الحقيقة الغائبة

هذه هي الحقيقة التي يأبى أن يفهمها كثير من الناس

عدد الردود 0

بواسطة:

جنه

لو الناس فهمت ربع فهمك مكنش حالنا بقى كده

عدد الردود 0

بواسطة:

anas

لعبوها صح و كسبو

لعبوها صح و كسبو

عدد الردود 0

بواسطة:

anas

رجاء

عدد الردود 0

بواسطة:

Ali Mustafa

الخط الاحمر قادم

عدد الردود 0

بواسطة:

fayez 1 2 3

عن أي دستور تتحدث الدستورية؟؟؟

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة