لى ملاحظات كثيرة على الأداء البرلمانى الضعيف والمتردد لنواب الإخوان والسلفيين، وأحترم حكم الدستورية العليا بحل البرلمان، وأثق تماما فى سلامة الاستدلال والحكم، لكنى غير مستريح للحكم ونتائجه، لأنه يعرقل التقدم نحو التحول الديمقراطى، ويطيح بشرعية نواب منتخبين فى انتخابات نزيهة، ويمنح سلطة التشريع للمجلس العسكرى الذى أثبت خلال 15 شهرا فشله أيضا وعدم قدرته على إدارة المرحلة الانتقالية.
حكم الدستورية استند إلى مواد فى القانون ومبادئ دستورية سليمة ما يعنى أنه حقق العدالة لكنها عدالة منقوصة وغير منطقية، ولا تراعى الأوضاع السياسية، فأحكام القضاء الدستورى لها طبيعة خاصة تتعلق بتأثيرها المباشر فى النظام السياسى ومؤسسات الدولة، وبالتالى لا يمكن ادعاء أن الأحكام الدستورية لا تخضع لتأثير السياسة وموازين القوى على الأقل فيما يتعلق بتوقيت إصدار الأحكام، فالتوقيت ربما يكون أكثر أهمية وتأثيرا من الحكم ذاته، وهو ما يظهر بوضوح فى الحالة المصرية، فقد جاء الحكم قبل أيام من جولة الحسم فى السباق الرئاسى، وبعد أن توافقت القوى الوطنية على تأسيسية الدستور.
وأتصور أن كل عيوب قانون انتخاب مجلس الشعب والتى أدت إلى حل المجلس لا تساوى الإطاحة بالسلطة الوحيدة المنتخبة، وتسليم السلطة التشريعية للمجلس العسكرى الذى لم ينتخبه أحد من داخل الجيش أو خارجه، وإنما استمد شرعيته من الشرعية الثورية نتيجة دعمه للثوار فى الميادين. وقد استند المجلس العسكرى على تلك الشرعية فى إصدار الإعلان الدستورى الذى حدد خريطة الطريق والإجراءات المتبعة فى المرحلة الانتقالية وصولا لتسليم المجلس السلطة لبرلمان ورئيس منتخبين.
أما مجلس الشعب المنحل فقد استند لشرعية الانتخابات والقوانين المنظمة لها، وهى فى المجمل من إنتاج نخبة تنتمى فكرا وسلوكا لنظام مبارك، ما يعنى أن برلمان الثورة والذى سيطر عليه الإخوان والسلفيون قيد نفسه وأداءه بقوانين ونظم لا تنتمى للثورة، حتى إن لائحة عمل المجلس ظلت هى اللائحة المعمول بها زمن المخلوع. وفشل فى استخدام السلطة التشريعية فى إصدار قوانين ثورية تدعم شرعية الثورة والميادين، أكثر من ذلك خضع مجلس الشعب للشرعية القانونية لدولة مبارك وشرعية الانتخابات، ورفض خطاب شباب الثورة عن أن الأصل هو فى شرعية الثورة والميادين.
وبالتالى فإن نواب الإخوان والسلفيين وقعوا فى مأساة غريبة، فهم لا يحق لهم وبعد حل مجلس الشعب ادعاء العمل بالشرعية الثورية، وعليهم الالتزام بالشرعية القانونية وشرعية الانتخابات، لكن هل بمقدرهم التمسك بمجلس الشعب بصفته المؤسسة الوحيدة المنتخبة ضمن مؤسسات الدولة، وهل يمكنهم -كما أعلنوا- الاستمرار فى تأدية المهام الرقابية والتشريعية لحين صدور حكم من محكمة النقض -أو قرار رئيس الجمهورية بحل البرلمان- التى خولها الإعلان الدستورى البت فى سلامة عضوية البرلمان، ألا يعنى ذلك الخروج على الشرعية القانونية، وربما الصدام مع المجلس العسكرى فى ظل موجة الارتياح، وربما الفرحة التى عمت قطاعات واسعة من المصريين بعد حل البرلمان؟
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود السيد
مقال متوزان ولكن الانقلاب حصل
عدد الردود 0
بواسطة:
د.نهي عبد اللطيف
احيي الكاتب فهو موضوعي يناصر البرلمان الاخوانجي رغم رفضه لفكر وسلوك الاخوان